الإثنين, 3 نوفمبر 2025 06:46 PM

من أعماق الأرض إلى موائد الأثرياء: مزارعون ألمان يسعون لإنتاج الكمأة الفاخرة محلياً

من أعماق الأرض إلى موائد الأثرياء: مزارعون ألمان يسعون لإنتاج الكمأة الفاخرة محلياً

في عالم الفطريات النادرة والباهظة الثمن، يطمح مزارعون ألمان إلى ترسيخ مكانة الكمأة كمنتج محلي قادر على المنافسة. في محافظة هيلدسهايم، يتجول المزارع تاسيلو بوتر برفقة كلبيه "سوكا" و"ليا" بين أشجار مزرعته الصغيرة بحثاً عن الكمأة السوداء، التي تنمو على بعد سنتيمترات قليلة تحت سطح الأرض. وما أن يفلح الكلب في تحديد موقعها، حتى يحصل على مكافأة عبارة عن جرعة من معجون كبد الدجاج، تقديراً لـ "اكتشافه الثمين".

وعلى الرغم من أن الخنازير كانت تُستخدم تقليدياً في البحث عن الكمأة، إلا أن المزارعين يفضلون الكلاب حالياً، نظراً لكونها أكثر انضباطاً وأقل إضراراً بالتربة، إضافة إلى أنها لا تلتهم الكمأة المكتشفة كما تفعل الخنازير. ويتطلب تدريب هذه الكلاب سنوات من الجهد، حيث يتعين على المزارع تعلم كيفية فهم سلوك الحيوان والتعامل معه بدقة.

دخل بوتر وزوجته ستيفاني فيبر عالم زراعة الكمأة قبل حوالي عشر سنوات، بعد أن اكتشفا أن منطقة أوسنابروك تعتبر تاريخياً موطناً طبيعياً لهذا الفطر النادر. إلا أن جمع الكمأة من البرية ممنوع حالياً بموجب القانون، ما دفعهما إلى إنشاء مزارع متخصصة.

وعلى الرغم من أن ألمانيا تستورد ما بين 40 و 60 طناً من الكمأة سنوياً، فإن إنتاجها المحلي لا يتجاوز الطن الواحد، مما يفتح الباب واسعاً أمام التوسع في هذا القطاع. ولهذا السبب، يستعد حوالي 60 مزارعاً ومطعماً ومربّي كلاب لتأسيس شبكة "الكمأة" في شمال وغرب ألمانيا تحت شعار «ننمو معًا»، بهدف تبادل الخبرات وتلبية الطلب المتزايد.

تتطلب زراعة الكمأة صبراً طويلاً، حيث تحتاج الأشجار الملقحة بفطريات الكمأة إلى حوالي عشر سنوات قبل أن يتم جني أول محصول. ومع ذلك، يؤكد بوتر أن العائد الاقتصادي مجزٍ مقارنة بزراعة المحاصيل التقليدية مثل الذرة، حيث يتراوح سعر الغرام الواحد من الكمأة بين 0.80 و 1 يورو، وتعتبر المطاعم الفاخرة من أبرز المشترين.

وفي الوقت نفسه، يرى المزارع الألماني أن هذا النوع من الزراعة يساهم في تحسين التربة وزيادة المساحات الخضراء، مما يجعله مشروعاً صديقاً للبيئة. أنتج الزوجان في العام الماضي حوالي 150 كيلوغراماً من الكمأة، لكن هدفهما المستقبلي طموح: الوصول إلى طن كامل من الإنتاج المحلي خلال السنوات القادمة.

مشاركة المقال: