الإثنين, 23 يونيو 2025 07:09 PM

من صناعة الأعداء إلى الهيمنة: نظرة في تاريخ أمريكا وعلاقاتها الدولية

من صناعة الأعداء إلى الهيمنة: نظرة في تاريخ أمريكا وعلاقاتها الدولية

مالك صقور: حينما بسطت بريطانيا العظمى سيطرتها على الأراضي الأميركية لثلاثة قرون، وشعر الأمريكان بالذل تحت نير الاستعمار البريطاني، ثاروا مطالبين بالاستقلال، الأمر الذي صدم البريطانيين. يتذكر من يعرف تاريخ استعمار بريطانيا لأمريكا رسالة جيفرسون إلى مونرو عام 1816، والتي عبّر فيها جيفرسون عن سخطه واستحالة العيش تحت نير الإنكليز، واصفًا بريطانيا بأنها "عدو الجنس البشري بأجمعه، وليس لأمريكا وحدها".

كما يذكر ما كتبه جون آدمز من أن بريطانيا تعلّم أبناءها احتقار وإهانة والإساءة للأمريكيين، وأنها لن تصبح صديقة لهم حتى يصبحوا هم سادتها. (ومن يراقب العلاقة بين الحكومتين البريطانية والأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية يدرك ما ذُكر أعلاه).

نالت الولايات المتحدة الأمريكية استقلالها عام 1776، لكن الحرب استمرت بين أمريكا وبريطانيا خمسة أعوام، وانتهت بانتصار أمريكا عام 1783. (وهنا يجب القول وفق المثل: أجارنا الله من حكم المحكوم). وتجددت الحرب بينهما عام 1812، ولن ينسى الأمريكان كيف حرق البريطانيون البيت الأبيض في 24 آب 1814، وانتهت هذه الحرب عام 1815. ومنذ ذلك التاريخ بدأت أمريكا بالتوسع والعدوان.

عندما نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914، بقيت أمريكا على الحياد، منتظرة من سينتصر، وبعد ثلاث سنوات شاركت إلى جانب فرنسا وبريطانيا. كذلك فعلت في الحرب العالمية الثانية، ولم تتدخل مباشرة إلا بعد هجوم اليابان على الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ، فاضطرت الولايات المتحدة لدخول الحرب، وفي نهايتها ألقت أمريكا القنبلة الذرية على هيروشيما في 6 آب 1945، وبعد ثلاثة أيام ألقت قنبلة أخرى على ناغازاكي، مما لطخ تاريخ أمريكا بالعار.

يقول مؤرخو الحروب، ومنهم الأمريكان، إن الولايات المتحدة الإمريكية خاضت أكثر من 200 حرب اتصفت بالعدوانية وسفك الدماء. اتبعت الولايات المتحدة سياسة (التأبلس)، أي اتهام من تريد الاعتداء عليه، وغزو البلدان الضعيفة. فجرت -كما قال الكثيرون- برجي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول 2001، واتهمت ابن لادن، وغزت أفغانستان. وكذلك أبلست العراق واتهمته بامتلاك أسلحة نووية، فغزته وذبحته.

بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، أُطلق مصطلح العولمة والنظام العالمي الجديد. وبالمناسبة، يقول د. وديع بشور في كتابه (مملكة الشيطان – المؤامرة مستمرة)، إن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها دفعت 600 مليار دولار من أجل تفكيك الاتحاد السوفييتي، وأصبحت القطب الواحد الذي يتحكم بمصير الشعوب. وفي 3 شباط عام 1991، أعلنت إذاعة لندن: "لقد كان أمام الغرب عدوان اثنان: الشيوعية والإسلام. وقد انهارت الشيوعية دون أن يقدم الغرب خسائر تذكر، ويجتمع اليوم كل من الغرب والشرق في خنادق الكاثوليك والأرثوذكسية لمجابهة العدو المتبقي الواحد".

وحتى هذه الساعة، لم يفهم المسلمون أن القضاء عليهم كان من الداخل، وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية هي الآمر الناهي على كوكب الأرض، مع أن الكثيرين من المحللين والمفكرين والمؤرخين يقولون: إن العالم القديم يموت، لكن العالم الجديد لم يولد بعد. وما زال فقراء العالم وأحراره ينتظرون ولادة العالم الجديد متعدد الأقطاب.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: