السبت, 6 سبتمبر 2025 12:26 AM

من مخيم اللجوء إلى التبرع للتنمية: قصة الكرامة والعزة السورية التي تجسدت في "أبو محمد"

من مخيم اللجوء إلى التبرع للتنمية: قصة الكرامة والعزة السورية التي تجسدت في "أبو محمد"

في عالمٍ تتداخل فيه القيم وتتغير فيه المبادئ، يظهر المواطن السوري خالد المر، المعروف بـ "أبو محمد"، ليذكرنا بأن الكرامة ليست مجرد كلمات، بل هي أفعال تسجل في التاريخ. انتشرت على نطاق واسع مقاطع فيديو للسوريين تظهره مشاركًا في حفل إطلاق صندوق التنمية السوري، حيث تبرع بمبلغ 500 دولار، مما أعاد إلى الأذهان قصته الملهمة التي بدأت قبل سنوات.

أيقونة الكرامة

برز اسم "أبو محمد" لأول مرة في عام 2022 من خلال مقابلة تلفزيونية في برنامج على قناة حلب اليوم. لم يكن مجرد شخص يتحدث عن معاناته في المخيم، بل كان مثالًا للعزة والشموخ، حيث عبر ببساطة عن الحياة في ظل النزوح، رافضًا أي مظهر من مظاهر الضعف أو الاستسلام. خلال تلك المقابلة، قدم "أبو محمد" عبارات مؤثرة ما زالت عالقة في الأذهان، متحدثًا عن شعوره بالتخلي، ولكنه حوله إلى قوة دافعة: "نحن إن نزلت من عيوننا دمعة فهي دمعة خوف من أحد، ولكن ليست دمعة حسرة لأن كلاب الأرض اجتمعت علينا، وكل دول العالم.. تخلوا عنا بصراحة".

الكرامة أثمن ما نملك

يعتبر حديث "أبو محمد" عن التضحيات التي قدمها السوريون من أجل حريتهم من أبرز جوانب المقابلة، حيث أوضح أنهم تركوا وراءهم كل ما هو مادي، من منازل وأراضٍ وممتلكات، لأنها في نظره أشياء "رخيصة"، بينما حملوا معهم ما هو ثمين وغالٍ: كرامتهم وشرفهم ودينهم. وأكد على هذا المبدأ مرارًا، قائلاً: "نحن لا نركع لأحد، لأن الركوع فقط لله؛ هو الوحيد المستحق للركوع. أما أن تركع لبني آدم لا، هم ليسوا مستحقين للركوع." وأضاف: "أتينا بالذي يغلى علينا، كرامتنا وشرفنا وديننا. وتركنا له (بشار الأسد) الذي يغلى عليه من أبواب وشبابيك وحجار وشجر. خليه يطلع ويدمر مثل ما بده".

"أبو محمد".. المؤثر الحقيقي

الاحتفاء بـ "أبو محمد" بعد تبرعه ليس مجرد رد فعل مؤقت، بل هو تأكيد على أن القيم التي تحدث عنها ليست مجرد شعارات، بل هي واقع يعيشه. في مجتمع غالبًا ما يقيم الأفراد بناءً على ثرواتهم ومكانتهم، يأتي "أبو محمد" ليقلب الموازين. وصف ناشطون "أبو محمد" بأنه المؤثر الحقيقي، ليس لأنه يمتلك عددًا كبيرًا من المتابعين، بل لأنه يملك "الكرامة والكلمة الطيبة والأثر الطيب". تبرعه بمبلغ 500 دولار، على الرغم من ظروفه الصعبة، كان بمثابة رسالة قوية بأن العطاء لا يعتمد على حجم الثروة، بل على قوة الإيمان بالقضية. قصة "أبو محمد" وتبرعه الأخير تؤكد أن العزة ليست مجرد كلام، بل هي أفعال تجسد قوة الإرادة والتمسك بالمبادئ، حتى في أصعب الظروف.

مشاركة المقال: