لا يزال أهالي المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا ينتظرون بصيص أمل أو خبر ينهي سنوات من العذاب والانتظار المرير. من بين هذه القصص المأساوية، تبرز قصة غسان محمد جمعة، الشاب من حي الحجر الأسود بدمشق، الذي تحول إلى مجرد رقم في سجل الضحايا وصورة باهتة في ذاكرة عائلته.
في عام 2012، وفي أوج الأحداث الدامية، اعتقل غسان من منطقة معمل الحافظ. لم يكن مجرد عابر سبيل، بل كان شاباً منخرطاً في الحراك الثوري السلمي ضد نظام الأسد، وفقاً لرواية أهله وأصدقائه.
التهمة الموجهة إليه، كغيره من آلاف الشباب، كانت "حيازة أسلحة"، وهي تهمة ساقته إلى أحد أفظع مراكز الاعتقال في سوريا، فرع المخابرات الجوية في المزة.
بعد اعتقاله، انقطعت أخباره تماماً. لم يسمع له صوت، ولم تصل منه رسالة، ولم تظهر له صورة طوال فترة اعتقاله. كل ما تلقاه أهله كان ورقة رسمية مقتضبة، تحمل تاريخ وفاته المفترض في عام 2014 داخل سجون النظام، دون أي تفاصيل إضافية، دون جثة، ودون حتى فرصة لتوديعه.
قصة غسان ليست مجرد قصة فردية، بل هي تجسيد لمأساة المختفين قسرياً في سوريا، والذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف. تعيش أسرته، كآلاف الأسر الأخرى، بين أمل كاذب في عودته يوماً ما، ويقين مؤلم باستشهاده.
يحمل أهله ورقة الوفاة تلك كدليل على جرائم النظام، لكنها تبقى دليلاً غير كافٍ في ظل غياب أي تحقيق جاد. لقد تحول غسان من شاب ثائر إلى ذكرى ورقم في إحصائية، لكنه في قلوب أهله بطل وشهيد سقط فداءً لوطنه.
تبقى قصة الشهيد غسان صرخة مدوية في وجه العالم، تذكر بأن آلاف الأسر السورية لا تزال تنتظر معرفة مصير أحبائها، وتطالب بمحاسبة أعوان النظام البائد الذي حول سوريا إلى مقبرة جماعية، وأصدر لأهلها أوراق وفاة بدلاً من إعادة أبنائهم أحياء أو حتى جثثاً لدفنها بكرامة.
زمان الوصل