الإثنين, 23 يونيو 2025 01:23 AM

نظام الاستثمار الجديد في المدن الصناعية السورية: رؤية شاملة لمستقبل الاقتصاد

نظام الاستثمار الجديد في المدن الصناعية السورية: رؤية شاملة لمستقبل الاقتصاد

أكد الباحث الاقتصادي د. محمد كوسا لـ "الوطن" أن قرار وزير الاقتصاد والصناعة بإقرار النظام الجديد للاستثمار في المدن الصناعية يمثل خطوة استراتيجية لدعم الاقتصاد الوطني، لما يتضمنه من تسهيلات للمستثمرين.

وأوضح أن أهمية القرار تتجاوز مجرد تعديل القوانين، بل تعكس رؤية شاملة لمستقبل سوريا الاقتصادي، وإعلاناً عن مرحلة جديدة تعتمد على الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في القدرات البشرية والتكنولوجية.

وأشار إلى أن النظام الجديد يعكس التزام الدولة بتحقيق التنمية ومواكبة التحولات الاقتصادية، لاعتماده مبدأ التشاركية الواضحة وإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص على أسس جديدة، حيث تلعب الدولة دور المنظم والمحفز الذي يوفر البيئة المناسبة ويضمن الشفافية، بدلاً من دور المسيطر المباشر على العملية الاستثمارية.

وأضاف أن النظام يعتمد على فهم طبيعة الاقتصادات الحديثة، حيث يكون القطاع الخاص المحرك الأساسي للنمو، بينما تركز الدولة على تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية الداعمة لهذا النمو. والسماح للقطاع الخاص بإدارة وتطوير وتشغيل المدن الصناعية يمثل ثقة كبيرة في قدرته على تحمل المسؤولية وتحقيق النتائج المرجوة، خاصة مع الميزات التي تجعل الاستثمار في المدن الصناعية السورية جاذباً وآمناً، مثل تبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم الإعفاءات والتسهيلات المالية، وتقليل المخاطر القانونية والإدارية من خلال وضع ضمانات وآليات حماية للمستثمرين.

وأفاد بأن البيئة الصناعية المتكاملة التي توفرها المدن الصناعية تقلل التكاليف وتزيد الكفاءة، ما يجعل الاستثمار أكثر جدوى اقتصادية. كما أن القرار يضع أسساً واضحة لحوكمة العملية الاستثمارية، ويعكس التركيز على الشفافية والحوكمة أهمية بناء الثقة مع المستثمرين، سواء كانوا محليين أم أجانب، من خلال وضع معايير واضحة للتقييم والمتابعة، ما يضمن التعامل مع جميع المستثمرين بنفس المعايير ويعزز مبدأ العدالة ويقلل من احتمالات الفساد الإداري.

وأشار إلى أن تحديث البنية التشريعية والقانونية والمؤسسية يخلق إطاراً قانونياً حديثاً يواكب المعايير الدولية، ما يجعل الاستثمار في سوريا أكثر جاذبية للشركات الأجنبية.

وحول تأثيره على سوق العمل والاستثمار في المستقبل، أوضح كوسا أن النظام الجديد يهدف إلى خلق فرص عمل جديدة ومتنوعة، وتشجيع الصناعات التحويلية والإلكترونية والثقيلة والتجميعية، ما يفتح المجال أمام وظائف تتطلب مهارات متقدمة وتوفر عوائد أفضل، بالإضافة إلى نقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة الصناعية، ما يرفع من كفاءة الموارد البشرية في البلاد.

وأكد أن تنشيط سلاسل التوريد المحلية سيمتد ليشمل قطاعات أخرى مثل النقل والخدمات اللوجستية والخدمات المساندة، ما يخلق تأثيراً مضاعفاً على الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن نجاح النظام الجديد لن يقاس فقط بعدد المشاريع الجديدة أو حجم الاستثمارات، بل بمدى تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة، من خلال مؤشرات نوعية مثل نوع الصناعات المتطورة ومستوى التكنولوجيا المستخدمة ومدى الاعتماد على الكوادر المحلية، وزيادة القيمة المضافة المحلية، ورفع القدرة التنافسية للصناعات السورية في الأسواق المحلية والخارجية.

وذكر كوسا أنه رغم الطموحات الكبيرة للنظام الجديد، إلا أن التطبيق الناجح يتطلب مواجهة تحديات حقيقية، مثل البنية التحتية المتضررة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة، وقدرة المؤسسات الحكومية على تطبيق مبادئ الشفافية والكفاءة بشكل فعلي، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الحكومية وتطوير أنظمة العمل الداخلية. وأشار إلى أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي لسوريا والموارد البشرية المتعلمة تشكل أساساً قوياً للتطوير الصناعي.

هناء غانم

مشاركة المقال: