الأربعاء, 9 يوليو 2025 01:09 AM

هل تسحب أوروبا ذهبها من أمريكا خوفاً من سياسات ترامب؟

هل تسحب أوروبا ذهبها من أمريكا خوفاً من سياسات ترامب؟

تواجه الدول الأوروبية ضغوطاً متزايدة من الأحزاب اليسارية في البرلمان ومجموعات دافعي الضرائب لإعادة احتياطيات الذهب الأوروبية المخزنة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتدرس دول مثل ألمانيا وإيطاليا إعادة ما يقرب من 1930 طناً من الذهب، بقيمة تقدر بنحو 245 مليار دولار، والمخزنة حالياً في الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز.

بالإضافة إلى ألمانيا وإيطاليا، تحتفظ دول كبرى مثل فرنسا والصين وسويسرا والهند أيضاً باحتياطيات من الذهب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وفي عام 2024، أعادت الهند ذهبها المحتفظ به في لندن، بينما قامت تركيا في عام 2016 بإعادة 28.7 طناً من الذهب المودع لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى مصرفها المركزي، لتصل بذلك إلى رصيد صفر.

يشير خبير أسواق المال هاني صبحي في حديث لـ "النهار" إلى ستة عوامل رئيسية تقف وراء سحب الدول الأوروبية لاحتياطاتها من الذهب المخزنة في الولايات المتحدة، وتشمل هذه العوامل تراجع الثقة في النظام المالي الأمريكي، والمخاوف من استخدام الأصول الأوروبية كورقة ضغط سياسي من قبل أمريكا كما حدث مع روسيا، والرغبة في التحوط من العقوبات المحتملة، وتزايد أهمية الذهب كملاذ آمن في ظل الاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وسعي بعض الدول إلى تقليل الاعتماد على الدولار كجزء من توجه عالمي نحو "إزالة الدولرة"، بالإضافة إلى اعتبارات السيادة المالية التي تلعب دوراً محورياً، خاصة بعد قيام ألمانيا وهولندا بإعادة كميات كبيرة من ذهبهما من نيويورك، وسط توقعات بتحولات كبيرة في هيكل النظام المالي العالمي قد تجعل الذهب عنصراً حاسماً في المرحلة المقبلة.

أعرب مايكل ياغر، رئيس جمعية دافعي الضرائب في أوروبا، عن قلقه بشأن سياسات ترامب التي تستهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المستقل سياسياً)، قائلاً: "يريد ترامب السيطرة على الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يعني أيضاً السيطرة على احتياطيات الذهب الألمانية في الولايات المتحدة. إنها أموالنا، ويجب إعادتها إلينا".

واتفق معه في الرأي ماركوس فيربير، العضو المؤثر في البرلمان الأوروبي عن الحزب الديموقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا، قائلاً: "ترامب متقلب المزاج، ولا يُستبعد أن يطرح يوماً ما أفكاراً مبتكرة حول كيفية التعامل مع احتياطيات الذهب الأجنبية"، بحسب رويترز.

وكانت صحيفة بيلد الألمانية قد نشرت تقريراً في مارس الماضي ذكرت فيه أن عدداً من كبار الشخصيات داخل حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي (CDU) ناقشوا إمكانية سحب مخزون الذهب من الولايات المتحدة في ظل شكوك في أمن الذهب، ومخاوف من سيطرة ترامب على الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يعرض أمن احتياطيات الذهب الأوروبي المخزن في الولايات المتحدة للخطر.

ووفقاً للصحيفة الألمانية، تمتلك برلين ثاني أكبر احتياطيات من الذهب في العالم بعد الولايات المتحدة، إذ يبلغ 3,375 طناً (270,000 سبيكة، وزن كل منها 12.5 كيلوغراماً)، وتبلغ قيمتها حاليًا نحو 280 مليار يورو (329.5 مليار دولار)، ونحو 37% من قيمة الاحتياطيات (121.2 مليار دولار/ 103 مليارات يورو) أودعتها ألمانيا لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في مانهاتن، على أمل أن تتمكن من استبدال الدولار بالذهب مباشرة في حال الأزمة (الحرب، الكوارث الطبيعية، انهيار العملة، وما إلى ذلك)، وفق خطة استراتيجية بدأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وتشير بعض التقارير إلى أن قرابة نصف ذهب ألمانيا محفوظ في قبو على عمق 80 قدماً تحت الأرض، يقع على صخرة مانهاتن، في 33 شارع ليبرتي، حيث مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.

وفي إيطاليا التي تحتل المرتبة الثالثة بين أكبر حائزي الذهب في العالم باحتياطياتها البالغة نحو 2,451.8 طن، حذر المعلق الاقتصادي إنريكو جرازيني في مقال لصحيفة "إل فاتو كوتيديانو" من أن "ترك 43% من احتياطيات إيطاليا من الذهب في أميركا تحت إدارة ترامب غير الموثوقة أمر خطير جداً".

تحتل أميركا المركز الأول في قائمة أكثر الدول امتلاكاً للذهب عام 2024 – 2025، وفق إحصاءات مجلس الذهب العالمي، بحصة 8,133.46 طناً، تليها ألمانيا بإجمالي 3,351.53 طناً، ثم إيطاليا 2,451.84 طناً، وفرنسا 2,437.00، وروسيا 2,332.74 طناً، والصين 2,279.56 طناً، وسويسرا 1,039.94 طناً، والهند 876.18 طناً، واليابان 845.97 طناً، وهولندا 612.45 طناً.

مشاركة المقال: