الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 08:53 AM

هيئة العدالة الانتقالية تستمع إلى ذوي المفقودين في حلب وتناقش آليات جبر الضرر

هيئة العدالة الانتقالية تستمع إلى ذوي المفقودين في حلب وتناقش آليات جبر الضرر

بالتعاون مع محافظة حلب، عقدت الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية يوم الثلاثاء 14 تشرين الأول لقاءً حواريًا مع ذوي المفقودين والمختفين قسرًا والناجين من الاعتقال في عهد النظام السابق. هدف اللقاء إلى الاستماع إلى تجاربهم ومقترحاتهم حول مسار العدالة الانتقالية في سوريا.

حضر اللقاء، الذي غطته عنب بلدي، وناقش التحديات التي تواجه تحقيق العدالة بعد الحرب وتطلعات المجتمع المدني في حلب.

توصيات أم قرارات؟

تناول اللقاء، الذي عقد في قاعة المؤتمرات بمحافظة حلب بحضور رئيس الهيئة عبد الباسط عبد اللطيف، تعريفًا بالهيئة وتشكيلها ومهامها وآلية عملها وأهدافها. المحامي ياسر شبلي، المتخصص في حقوق الإنسان، طرح أسئلة حول صلاحيات الهيئة ونوع القرارات التي ستصدرها، وهل ستكون توصيات أم قرارات إدارية أم أحكامًا قضائية. كما استفسر عن منهجية توثيق الانتهاكات وجمع الأدلة، والتوازن بين حق المجتمع في معرفة الحقيقة وحق الفرد في الخصوصية، وآليات التعويض وجبر الضرر.

ردت الهيئة بأن قيم العدالة ثابتة، لكن الآليات تتغير بحسب المرحلة الانتقالية، مؤكدة أن العدالة الانتقالية تهدف إلى العلاج والمصالحة وإعادة التوازن للمجتمع، بينما تطبيق العقوبة هدف ثانوي. وأكدت أنها لن تصدر أحكامًا قضائية مباشرة، بل ستقدم تقريرًا ختاميًا بتوصيات حول تطبيق الاتفاقيات الدولية والتدابير الإصلاحية، مشيرة إلى تشكيل دوائر قضائية بالتعاون مع وزارة العدل لاختيار قضاة متخصصين.

أوضحت الهيئة أن قانون العقوبات السوري الصادر عام 1949 لا يشمل الانتهاكات الجسيمة التي تعرّفها اتفاقيات جنيف الأربع واتفاقية روما، مثل جرائم الإبادة والتهجير القسري والإخفاء القسري واستخدام الغازات السامة، معتبرة أن قانونًا خاصًا بالعدالة الانتقالية ضروري.

تطبيق بأثر رجعي

أكدت الهيئة أن القانون سيطبق بأثر رجعي، وهو ضروري لتطبيق العدالة على الجرائم الكبرى، مستشهدة بتجارب القضاء الدولي. المحامي حومد حومد أوضح لعنب بلدي أن الأثر الرجعي يعني تطبيق القانون على الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتُكبت قبل صدوره، لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان طوال العقود الماضية.

أشكال جبر الضرر

بينت الهيئة أن جبر الضرر يشمل التعويض المادي والمعنوي، واسترداد الحقوق، وكشف الحقيقة، وإصلاح المؤسسات، مع التركيز على مكافحة الفساد. وأوضحت أن مسار العدالة الانتقالية يحتاج إلى صبر وتأهيل كوادر لتفكيك هياكل التسلط، وفحص سجلات الموظفين، وملاحقة جرائم الفساد.

كما تناولت شرائح الضحايا، مثل ضحايا الكيماوي والتعذيب المنهجي والعنف الجنسي، والذين فقدوا ممتلكاتهم، مؤكدة أن برامج جبر الضرر ستتكيف مع الوضع الحالي للدولة.

تعويض معنوي

تساءلت الناشطة عليا أحمد عن إمكانية إفلات المسؤولين من العقاب. وردت الهيئة بأنها تتعهد بكشف الحقيقة أمام أهالي الشهداء ومحاسبة المسؤولين وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات. وأشارت إلى إمكانية تقديم أسماء المفقودين للهيئة للكشف عن مصيرهم بالتواصل مع وزارة الداخلية.

زوجة أحد المفقودين تحدثت عن أهمية التعويض المعنوي. وردت الهيئة بأن التعويض المعنوي سيكون جزءًا من برنامج جبر الضرر المصمم لتلبية حاجات كل أسرة، مثل إقامة مدرسة باسم ابنهم أو تحويل سجن "صيدنايا" إلى ذكرى.

عدالة انتقالية وليست انتقامية

المحامي ياسر شبلي أوضح أن الاجتماع كان مثمرًا وأتاح طرح أفكار لتطوير عمل الهيئة، تشمل مجالات الإصلاح المؤسسي، جبر الضرر، كشف الحقائق، المصالحة، والتعجيل بالخطوات الضرورية. وأكد أن العمليات الانتقامية الفردية لا تهدد مسار العدالة الانتقالية.

فيما يتعلق بالأثر الرجعي للقوانين، أشار شبلي إلى أن النظام الأساسي لمحكمة روما (1998) ينص على الأثر الرجعي، ويمكن استثناء قاعدة عدم الرجعية في حالات الجرائم الدولية الخطيرة.

يذكر أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أصدر في منتصف أيار الماضي المرسومين رقم "19" و"20" لعام 2025 بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، بهدف كشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السابق ومساءلة المسؤولين عنها وجبر الضرر وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.

سوريا.. هيئة العدالة الانتقالية تحدد خطتها
مشاركة المقال: