بعد جولة شملت السعودية والأردن، وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، سفير واشنطن في أنقرة، توماس باراك، إلى العاصمة السورية دمشق، حيث التقى مسؤولين في الإدارة الجديدة، وعلى رأسهم الرئيس في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع. وأعلن باراك الذي التقى الشرع قبل أيام قليلة في إسطنبول التركية، بعد تولّيه المنصب الجديد، دعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأخير وحكومته، ووعده برفع سوريا من قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، والتي تم وضع البلاد فيها منذ عام 1979.
كما شارك باراك في مراسم رفع علم الولايات المتحدة فوق دار سكن السفير الأميركي في دمشق، في وقت أعلنت فيه واشنطن استمرار عمل بعثتها الدبلوماسية إلى سوريا في تركيا، لأسباب «أمنية»، الأمر الذي يجعل قضية رفع العلم شكلية واحتفالية أكثر منها إجراء فعلياً لبدء عودة النشاط الدبلوماسي الأميركي على الأراضي السورية، والذي توقف قبل نحو 14 عاماً.
ويكشف تعيين باراك الذي يُعرف عنه قربه من الرئيس الأميركي وعلاقته الوطيدة مع كل من تركيا والسعودية، عن محاولة الولايات المتحدة لخلق توازن في علاقتها مع سوريا، في ظل إعجاب ترامب بسيطرة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على هذا البلد، ودعمه أيضاً مساعي السعودية لتوسيع نفوذها فيه، وإبدائه اهتماماً واضحاً بالأردن الذي لعب دوراً بارزاً في بلورة الموقف الأميركي من الملف السوري، في إطار الاجتماعات التي استضافتها العقبة بعيد سقوط نظام بشار الأسد.
وفي إطار إظهار الأثر الكبير لقرار الرئيس الأميركي تعليق العقوبات المفروضة على سوريا، شارك المبعوث الأميركي في مراسم الإعلان عن عقد كبير لتأهيل قطاع الكهرباء، وقّعته وزارة الطاقة السورية مع تحالف شركات قطرية وتركية وأميركية.
وفي تصريحات أطلقها خلال زيارته، أعلن باراك أن بلاده تعمل على شطب اسم سوريا من قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، مضيفاً أنه «مع زوال الأسد انتهى السبب». كما أوضح أن هذا القرار يحتاج إلى موافقة الكونغرس، حاله كحال العقوبات المفروضة بموجب قوانين، قائلاً إن «القرار لا يزال بحاجة إلى مراجعة الكونغرس، في فترة مدتها ستة أشهر». وأضاف أن «نية أميركا ورؤية الرئيس هما أنه يتعيّن علينا إعطاء هذه الحكومة الشابة فرصة من خلال عدم التدخل وعدم المطالبة وعدم وضع الشروط». ويتيح شطب سوريا من قائمة «الدول الراعية للإرهاب» رفع جملة من القيود التي يفرضها ذلك التصنيف على تصدير السلع الأميركية إلى البلاد.
تستعد الولايات المتحدة لمنح الشرع فيزا تسمح له بدخول نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
وفي سياق المساعي الأميركية لتطبيع العلاقات بين الإدارة السورية الجديدة وإسرائيل، رأى باراك أن الأمر يحتاج إلى حوار طويل. وأضاف أنه يجب في الفترة الحالية التوصل إلى اتفاقيات أمنية وضبط الحدود، الأمر الذي يتوافق بشكل كبير مع توجهات تركيا التي تخوض كباشاً مع إسرائيل على النفوذ في سوريا، في ظل محاولة تل أبيب منع أنقرة من توسيع نفوذها العسكري إلى وسط البلاد. وأخيراً، تمّ تسريب أنباء عن اتفاق لإقامة خط ساخن لمنع الصدام في سوريا، والعمل على إقامة منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري.
وإذ يبدو الموقف الأميركي منفتحاً بشكل غير مسبوق على الإدارة الجديدة، فهو يترافق فعلياً مع ضمان وجود أدوات ضغط سياسية واقتصادية فعّالة، أبرزها ملف العقوبات التي جرى تعليقها لمدة 180 يوماً، وليس رفعها، بالإضافة إلى رسم حدود للعلاقة مع هذه الإدارة تمر عبر وسطاء إقليميين (تركيا والسعودية)، مقابل تسهيلات عديدة مشروطة بجملة من الملفات.
ومن بين تلك الملفات، تسهيل عملية انسحاب القوات الأميركية من سوريا، عبر تشكيل تحالف تحت عباءة «محاربة الإرهاب» تقوده تركيا، وإخراج الفصائل الفلسطينية من سوريا، وهو ما تقوم الإدارة الجديدة فعلياً بتنفيذه، والانخراط في حوار مباشر مع إسرائيل في سياق عملية التطبيع التي تريدها أميركا، وفق ما يُعرف باسم «اتفاقات أبراهام»، التي فتحت الباب أمام موجة تطبيع عربية غير مسبوقة عام 2020، عندما انضمت إليها الإمارات والمغرب والبحرين والسودان.
وفي سياق الدعم الأميركي لإدارة الشرع، تستعد الولايات المتحدة لمنح الأخير فيزا تسمح له بدخول نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والمقرّرة في أيلول المقبل، الأمر الذي يجعل الشرع، في حال تمّت الزيارة، أول رئيس سوري يخاطب الجمعية العامة منذ عام 1967، عندما ألقى الرئيس الراحل، نور الدين الأتاسي، كلمة سوريا بعد نكسة حزيران.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الاخبار