الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 10:27 PM

وزير الخارجية السوري يزور اليونان لبحث ملفات الحدود البحرية والتعاون الإقليمي

وزير الخارجية السوري يزور اليونان لبحث ملفات الحدود البحرية والتعاون الإقليمي

يتوجه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، غدًا الأربعاء الموافق 20 آب، إلى العاصمة اليونانية أثينا، لإجراء مباحثات موسعة بمشاركة وفدين من كلا البلدين. وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة قام بها وزير الخارجية اليوناني، جورجوس جيرابيتريتيس، إلى دمشق في شباط الماضي، حيث التقى بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، حسبما أفادت الرئاسة السورية.

تولي اليونان أهمية خاصة لمسألة ترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا وقبرص، وقد أعربت سابقًا عن معارضتها لهذا الترسيم، معتبرةً الحكومة السورية الحالية حكومة انتقالية، وأن أولويتها هي منع تركيا من إضفاء غطاء شرعي على أي اتفاقيات.

أفاد بيان صادر عن الخارجية اليونانية اليوم، أن الوزير جورج جيرابيتريتيس سيلتقي بنظيره وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، غدًا الأربعاء 20 آب، يعقب ذلك محادثات موسعة بين الوفود.

الاجتماع الخماسي

في اجتماع خماسي عُقد في 28 آذار الماضي، بحضور الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورؤساء كل من لبنان واليونان وقبرص، ناقش المجتمعون قضايا تتعلق بالأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والعلاقات بين الدول الخمس، بما في ذلك أمن الحدود والمخاطر المشتركة، ورفع العقوبات عن سوريا.

كما شملت المناقشات جوانب تتعلق بالمصالح المشتركة بين الدول المشاركة، واتفق الزعماء على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، خاصة في مجالات الطاقة والنقل. وأكد رئيس وزراء اليونان ميتسوتاكيس أهمية تعزيز التعاون بين دول البحر الأبيض المتوسط، لا سيما في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى استعداد اليونان للمساهمة في مشروعات الطاقة في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط.

من جانبها، أكدت قبرص ضرورة تفعيل التعاون المشترك في ذات المجال، وتمكين المحاسبة والعدالة الانتقالية، وقانون البحار، ودعم برنامج طموح لسوريا واحترام سيادتها. وتهتم اليونان بملفات متعددة في سوريا، من أهمها الوجود المسيحي في سوريا، واللاجئين السوريين، وترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا مع جزيرة قبرص أو ما يعرف بـ "قبرص اليونانية".

قبل سقوط النظام، اتجهت اليونان خلال أيار 2021 لتحقيق تقارب دبلوماسي مع النظام السوري السابق، والذي كان يتشارك معها في ملفات سياسية واقتصادية عدة، أبرزها كان العداء لتركيا، وحينها عينت تاسيا أثاناسو مبعوثة خاصة إلى سوريا.

الحليف التركي يثير قلق أثينا

وعقب سقوط النظام، رفضت اليونان خطط تركيا لإبرام اتفاق بحري مع سوريا، ووصفت الحكومة السورية بأنها "سلطة انتقالية" غير قادرة على توقيع اتفاقيات قانونية سارية. وجاء ذلك في أعقاب إعلان وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو، عن إجراء مناقشات لتحديد الحدود البحرية مع سوريا.

قالت مصادر دبلوماسية يونانية: "إن الوضع في سوريا وضع انتقالي لا يُضفي شرعية على مثل هذه الاتفاقات، نراقب التطورات عن كثب، ونبقى على تواصل دائم مع قبرص والدول المجاورة والاتحاد الأوروبي".

وتتبنى الحكومة اليونانية تجاه سوريا "نهج الترقب والانتظار"، فبعد أيام من انتقال السلطة في دمشق، أوضح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس سياسة أثينا قائلاً: "لدينا صوت ودور فيما يحدث في سوريا اليوم. أولًا، لقربنا الجغرافي. ثانيًا، لأننا الحماة الطبيعيون للمسيحيين الأرثوذكس الناطقين باليونانية والعربية. يمكننا التحدث مع الجميع"، وفق ما نقلته صحيفة "كاثيميريني" اليونانية .

وزير الخارجية اليوناني، قال عقب لقائه بالشرع في شباط الماضي: "ينبغي أن تكون هذه المؤسسات شاملة ومتسامحة، ومتوافقة تمامًا مع القانون الدولي، وخاصة قانون البحار".

وتشعر اليونان بالقلق إزاء مذكرة التفاهم المحتملة بين سوريا وتركيا لتحديد المنطقة البحرية، دون مراعاة الحقوق السيادية لليونان، وخاصة قبرص. وأضاف جيرابتريتيس أن "اليونان، باعتبارها محاورًا موثوقًا به للعالم العربي، ستكون حاضرة لضمان الهدوء والازدهار في المنطقة".

صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، نقلت عن مصادر دبلوماسية يونانية في شباط الماضي، أن اليونان وقبرص قد عرقلتا رفع العقوبات الأوربية جزئيًا عن سوريا، بسبب مخاوفهما من نفوذ تركيا في سوريا، ومخاوفهما من اتفاقية بحرية محتملة بين تركيا وسوريا قد تُقوّض حقوق قبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ويصرح المسؤولون اليونانيون والقبارصة، أنهم لا يعارضون رفع العقوبات ولكنهم يريدون ضمانات واضحة لحماية المسيحيين السوريين، ومنع تركيا من فرض اتفاقيات بحرية على حساب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وضمان توثيق هذه الضمانات بشكل صريح. وتوجد بين تركيا واليونان خلافات عميقة تعود إلى القرن الـ20، مع غزو اليونان تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، ودخول القوات التركية إلى جزيرة قبرص عقب انقلاب عسكري برعاية يونانية، ما أدى إلى تقسيم الجزيرة.

مشاركة المقال: