الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 08:34 AM

وول ستريت جورنال تكشف: الطبقة الوسطى في أمريكا تحت ضغط التضخم وتواجه صعوبات معيشية متزايدة

وول ستريت جورنال تكشف: الطبقة الوسطى في أمريكا تحت ضغط التضخم وتواجه صعوبات معيشية متزايدة

كشف تقرير موسع نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الطبقة الوسطى في أمريكا تعاني من ضغوط متزايدة بعد حوالي خمس سنوات من ارتفاع الأسعار المتواصل. وأشار التقرير إلى أن هذه الطبقة تعيش بين ارتفاع التكاليف اليومية والشعور بأن الحياة أصبحت أصعب مما كانت عليه قبل عام ونصف، وفقًا لما ذكرته هوالي فرو، مديرة الاتصالات في إحدى الكليات في أتلانتا.

وأكدت الصحيفة أن أسعار السلع والخدمات ارتفعت بنسبة 25% مقارنة بعام 2020، مما يهدد مستويات المعيشة التي اعتادت عليها ملايين الأسر. وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم عن ذروته في عام 2022، إلا أن أسعار القهوة ولحم البقر المفروم وإصلاح السيارات شهدت ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام، مما زاد من الشعور بالإرهاق المالي.

واستندت وول ستريت جورنال إلى تعريف مركز بيو للأبحاث للطبقة الوسطى، والذي يضعها في نطاق دخل يتراوح بين 66 ألف دولار و200 ألف دولار سنويًا، اعتمادًا على مكان السكن. وأوضحت الصحيفة أن المنتمين إلى هذه الطبقة يشعرون بما وصفته بـ "صدمة الأسعار المستمرة"، مما دفع الكثيرين إلى البحث عن التخفيضات وتقييد الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات.

وأشارت الصحيفة إلى نتائج مسح ثقة المستهلكين لدى جامعة ميشيغان، والتي أظهرت أن 44% من المنتمين إلى الطبقة الوسطى يرون أن وضعهم المالي اليوم أسوأ من العام الماضي، مقابل 23% فقط يرون أنه أصبح أفضل، ويعزو معظم المتشائمين ذلك إلى ارتفاع الأسعار.

ونقلت الصحيفة بيانات من تقارير الأرباح الأخيرة لشركات أمريكية كبرى، وكشفت أن الطبقة الوسطى أصبحت عاملاً ضاغطًا على مبيعات التجزئة. فعلى سبيل المثال، قالت سلسلة المطاعم السريعة وينغ ستوب إن المتعاملين من ذوي الدخل المتوسط بدأوا في تقليص مشترياتهم، كما فعل أصحاب الدخل الأقل. وأعلن متجر تارغِت عن تراجع ملحوظ في الإنفاق على السلع غير الأساسية مثل الملابس وديكور المنازل. وفي المقابل، سجلت والمارت مبيعات قوية بعد تدفق المستهلكين من مختلف مستويات الدخل بحثًا عن الأسعار المناسبة.

وأكدت وول ستريت جورنال أن هذا التغير في السلوك الاستهلاكي أصبح سمة واضحة في الاقتصاد الأمريكي خلال العام الجاري. واستعرضت الصحيفة شهادات شخصية تعبر عن عمق الأزمة، حيث قالت أم لطفلة تعمل بدوام كامل وتربي طفلها وحدها: "أحتاج أن أعرف أين الضوء في نهاية النفق". وأوضحت الأم أنها اضطرت بعد شراء منزل إلى مواجهة ارتفاع في الرهن العقاري بسبب فائدة 6.5%، إضافة إلى زيادة في الضريبة العقارية بنحو ألف دولار وارتفاع قسط التأمين بمقدار 600 دولار. وللحد من النفقات، ألغت تأمين الأسنان، وخفّضت من تغطية التأمين على المنزل، واتجهت إلى عمل جانبي لإدارة عقار مؤجَّر. واضطرت عائلات أخرى في ولاية كونيتيكت إلى إبقاء الأضواء مطفأة معظم الوقت لتوفير الكهرباء.

وأشارت الصحيفة إلى أن الطبقة الوسطى كانت في وضع قوي خلال سنوات الجائحة، حيث تدفقت شيكات الدعم الحكومية، وارتفعت المدخرات بما يزيد على 500 مليار دولار بين عامي 2020 وبداية 2022. لكن بحلول عام 2025، أكدت الصحيفة نقلاً عن "موديز أناليتكس" أن معظم هذه المدخرات "تبدد بالكامل"، إذ استخدمتها الأسر لمجاراة ارتفاع أسعار الغذاء والإيجارات والخدمات. وحتى زيادات الأجور لم تُجدِ نفعا لأنها "موجات التضخم المتلاحقة ابتلعتها".

وقالت الصحيفة إن أزمة تكلفة المعيشة دفعت الناخبين في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الأخيرة إلى اختيار المرشحين الذين وعدوا بمعالجة "أزمة القدرة على تحمل التكاليف"، في وقت أضرت فيه العوامل ذاتها بحملة جو بايدن في 2024، وتضغط اليوم على معدلات الرضا عن الرئيس ترامب. ونقلت الصحيفة عن الأستاذة في جامعة هارفارد، ستيفاني ستانتشيفا: "الناس يشعرون أن مستوى معيشتهم يتراجع".

وأظهرت بيانات وتقارير "وول ستريت جورنال" أن المشكلة الأساسية ليست في ارتفاع الأسعار وحده، بل في طول مدة التضخم، الذي تراكم تأثيره حتى أرهق الأسر التي كانت ذات يوم من أكثر الفئات استقرارا في أمريكا. فالطبقة الوسطى اليوم تبحث عن "هواء اقتصادي نقي"، بينما تتوالى عليها الفواتير، وتتقلص قدرتها الشرائية، وتغيب مؤشرات واضحة على انفراج قريب.

مشاركة المقال: