كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي لتأمين و إدارة حشود الحجاج في موسم الحج؟

مع اقتراب موسم الحج واستعداد المملكة العربية السعودية لاستقبال أكثر من مليون حاج، تتجه الأنظار هذا العام نحو دور الذكاء الاصطناعي في تنظيم وإدارة هذا الحدث الديني الضخم، الذي يُعد من أكبر التجمعات البشرية على مستوى العالم.

وفي إطار سعيها لتوفير أعلى معايير الأمان والسلامة، أعلنت السلطات السعودية عن اعتماد منظومة متكاملة من التقنيات الحديثة، تشمل برامج الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة المزودة بكاميرات حية، لمراقبة حركة الحجاج وتحليل البيانات بشكل لحظي. هذه الخطوة تأتي في إطار خطة شاملة لإدارة الحشود، تتيح التدخل السريع في حال حدوث أي طارئ.

وزير الحج والعمرة، الدكتور توفيق الربيعة، أوضح في تصريحاته لوكالة “فرانس برس” أن الوزارة ستعتمد على عدد كبير من الأجهزة الذكية لرصد تحركات الحجاج طوال فترة وجودهم في مكة، بهدف ضمان سير الشعائر بأمان وانسيابية. وأكد أن هذه التقنيات ستوفر معلومات دقيقة تساعد الجهات المعنية على اتخاذ قرارات فورية، مشدداً على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للوقاية وليس فقط للاستجابة.

تحدي إدارة الحشود ليس بالجديد، فقد شهد موسم الحج في عام 2015 حادثة تدافع مؤسفة راح ضحيتها آلاف الحجاج. ومنذ ذلك الحين، تكثّف المملكة جهودها في تعزيز البنية التحتية، وزيادة أعداد الكوادر الميدانية، إلى جانب توظيف التكنولوجيا الحديثة في جميع مراحل تنظيم الحج.

وفي هذا السياق، تُولي السلطات اهتماماً خاصاً بمواجهة ظاهرة “الحج غير النظامي”، إذ يُعد الحجاج غير الحاصلين على تصاريح رسمية من أبرز التحديات التي تؤثر على جودة الخدمات وسلامة الحجاج الآخرين. ووفقاً للمسؤولين، فإن النسبة الأكبر من الوفيات في الموسم الماضي كانت بين هؤلاء المخالفين، الذين حُرموا من الخدمات الأساسية كالتبريد والمأوى.

لذلك، أطلقت السعودية حملة أمنية وإعلامية متكاملة للتوعية بأهمية التصاريح الرسمية، مصحوبة بإجراءات صارمة تشمل التوقيف، الترحيل، ومنع دخول المملكة لفترات تصل إلى عشر سنوات. ويؤكد الوزير الربيعة أن الالتزام بالحصول على تصريح حج هو شرط أساسي لضمان سلامة الجميع، داعياً المسلمين إلى احترام الأنظمة المعتمدة والتعاون مع الجهات الرسمية في بلدانهم.

وتزداد أهمية هذه الإجراءات مع تزامن موسم الحج مع حرارة الصيف القاسية، ما يفرض على الجهات المنظمة مزيداً من الجهد لحماية الحجاج وتوفير بيئة آمنة ومريحة لأداء المناسك. ويؤكد الربيعة أن الحكومة السعودية، قيادة وشعباً، تنظر إلى خدمة الحجاج باعتبارها شرفاً ومسؤولية كبرى، ولن تدّخر جهداً في تسخير كافة الإمكانات لضمان نجاح الموسم.