الأحد, 22 يونيو 2025 07:30 PM

بهجة استقبال الحجاج: مظاهر الفرح تعود إلى سوريا بزينة وولائم

بهجة استقبال الحجاج: مظاهر الفرح تعود إلى سوريا بزينة وولائم

عنب بلدي – ديالا البحري: في زقاق سوق “المسكية” الشهير بدمشق، يقف محمد الجرم متأملًا زينة الحجاج المعلّقة بعناية، يقلبها واحدة تلو الأخرى، باحثًا عن الأجمل والأكثر جودة ليزين بها منزله، احتفالًا بعودة والدته وأخيه من الديار المقدسة. استقبال الحجاج في سوريا ليس مجرد لحظة عابرة، بل طقس اجتماعي لا يزال السوريون يحافظون عليه على الرغم من تغير بعض التفاصيل بمرور الزمن.

زينة وزفة ووليمة

تزيين المنازل هو إحدى أقدم العادات التي يحرص السوريون على إحيائها عند عودة ذويهم من الحج، وغالبًا ما تُعلّق الحبال الملونة المزينة بالآيات القرآنية وعبارات الترحيب مثل “حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا”، تعبيرًا عن الفرح بالعودة المباركة. في بعض المناطق يتجاوز الاحتفال حدود البيت ليمتد إلى الشارع بأكمله، كما كانت الحال في السابق حين كانت شجرة السرو تُزرع عند مدخل المنزل كعلامة على عودة الحاج، وهي عادة بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة، كما تراجعت الجداريات التي كانت تُرسم على جدران منزل الحاج الخارجية.

لم تكتفِ غفران الريّس، وهي من مدينة حرستا في ريف دمشق، بتزيين المنزل فقط، بل بادرت إلى طلاء الجدران وتغيير طقم “الكنبايات” بالكامل قبل عودة والدتها من الحج، لتكون الاستضافة على قدر المناسبة، بحسب ما قالته لعنب بلدي. في حين أن أبرز ما يميز طقوس الاستقبال بالنسبة لراما شرف، من عربين في ريف دمشق، “الزفّة” التي تقام حال وصول الحاج، والتي يشارك فيها الأهل والجيران، وأحيانًا تستقدم فرق “العراضة الشامية” بطقوسها التراثية وأهازيجها الشعبية، لتضفي طقسًا من البهجة.

ولا تكتمل فرحة العودة دون وليمة غداء كبيرة يدعى إليها الأهل والأقارب والجيران، لتبدأ بعدها مرحلة التهاني، إذ يُقبل الضيوف على الحاج حاملين التهاني والتبريكات بقدومه. ويقدم الحاج الضيافة للزائرين، والتي تتنوع بحسب القدرة المادية، وتأتي في مقدمتها التمور، وماء زمزم، وغالبًا ما يُهدى الزوّار المسابح والمساويك كتذكار رمزي يحمل نفحات من مكة والمدينة.

أسعار منخفضة وإقبال ضعيف

تزامنًا مع اقتراب عودة الحجاج، رصدت عنب بلدي أسواق دمشق القديمة، وخصوصًا سوق “المسكية” و”العصرونية”، مقصد الأهالي الباحثين عن زينة الحج والضيافة. وفيما يتعلق بالإقبال قال جمال عودة، تاجر في “العصرونية”، لعنب بلدي، إنه على الرغم من انخفاض الأسعار، فإن الإقبال لا يزال ضعيفًا. في حين يرى فواز كنعان، أحد تجار سوق “المسكية”، أن الموسم الحالي يُعدّ “سنة خير”، في إشارة منه إلى ارتفاع عدد الحجاج هذا العام.

وأوضح كنعان أن أبرز المواد المطلوبة في السوق هي الحبال المزينة بآيات قرآنية وعبارات ترحيب، إضافة إلى مجسمات الكعبة المشرفة. أما عن الأسعار، فقد شهدت انخفاضًا ملحوظًا هذا العام، إذ بلغ سعر حبل الزينة مثلًا حوالي 3000 ليرة سورية، بعدما كان يصل إلى 10000 ليرة في مواسم سابقة. وتختلف تكلفة تزيين المنزل بحسب المساحة ونوعية المواد، إذ يمكن أن تكفي 10000 ليرة لتزيين غرفة واحدة بجودة متوسطة، وترتفع التكاليف كلما اتسعت المساحة أو ارتفعت جودة الزينة.

أما بالنسبة للهدايا التي يقدمها الحجاج عند عودتهم، فلفت كنعان إلى وجود طلب على المسابح وسجادات الصلاة المصنوعة محليًا، حيث يفضّلها الكثيرون لتوفير الوزن في أثناء السفر، منوهًا إلى أن المنتجات المحلية تتمتع بجودة عالية. ويوافقه الرأي أبو الخير شاكر، تاجر مسابح بالجملة، الذي أكد أن الحجاج يقصدونه بشكل خاص لشراء المسابح بهدف تقديمها كهدية للمهنئين. وقال إن لكل محافظة سورية تفضيلات معينة في نوع المسبحة، مشيرًا إلى تحسن الوضع التجاري بعد سقوط النظام، حيث أصبحت البضائع متوفرة أكثر، وانخفضت الأسعار نتيجة تراجع الضرائب.

من جهته، يرى نديم الخطيب، تاجر في سوق “العصرونية”، أن طول فترة إقامة الحجاج في السعودية هذا العام، والتي وصلت إلى نحو خمسة أسابيع، أدى إلى تأخر حركة البيع في السوق، لكنه أشار إلى أن الأسعار لا تزال مقبولة رغم ضعف القوة الشرائية للزبائن. وقد بلغ عدد الحجاج السوريين هذا العام 22500 حاج وحاجة وصلوا من عدة وجهات هي دمشق، واسطنبول، وغازي عينتاب، وأربيل، بالإضافة إلى دول الخليج، فيما سجلت حالة وفاة واحدة لأحد الحجاج قبل سفره من مطار دمشق الدولي، وبلغت تكلفة الحج نحو 4900 دولار أمريكي. وقد وصلت أولى رحلات الحجاج إلى مطار دمشق الدولي في 19 من حزيران الحالي، في حين أن عدة رحلات أخرى وصلت قبلها إلى مطار غازي عينتاب.

مشاركة المقال: