الإثنين, 23 يونيو 2025 03:26 PM

سوريا تعود إلى نظام سويفت المصرفي: خطوة نحو انفتاح اقتصادي أوسع

سوريا تعود إلى نظام سويفت المصرفي: خطوة نحو انفتاح اقتصادي أوسع

نورمان العباس – دمشق

في خطوة تعتبر بارقة أمل لمرحلة اقتصادية جديدة، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، عن إتمام أول معاملة مصرفية دولية عبر نظام "سويفت" منذ بداية الحرب قبل 14 عاماً. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود رسمية لإعادة ربط النظام المصرفي السوري بالمنظومة المالية العالمية، وذلك بعد رفع العقوبات الغربية عن البلاد.

وفي تصريح لوكالة "رويترز" يوم الخميس الفائت، أوضح حصرية أن معاملة تجارية مباشرة قد أُجريت من مصرف سوري إلى مصرف إيطالي يوم الأحد الماضي، مع توقعات ببدء التعاملات مع البنوك الأميركية في غضون أسابيع.

ما هو نظام سويفت؟

نظام "سويفت" (SWIFT)، وهو اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، هو شبكة عالمية لتسهيل تبادل الرسائل المالية بين البنوك والمؤسسات المالية بشكل آمن وسريع. يعتبر هذا النظام العمود الفقري لعمليات تحويل الأموال عبر الحدود، حيث يسهل التواصل بين البنوك لإتمام المعاملات المالية الدولية من خلال إرسال رسائل مشفرة تتضمن تفاصيل العملية، دون أن يقوم النظام نفسه بتحويل الأموال فعلياً.

على الرغم من عدم وجود حظر مباشر على استخدام سوريا لنظام "سويفت"، إلا أن العقوبات الأميركية والأوروبية التي فُرضت خلال السنوات الماضية أثرت بشكل كبير على قدرة البنوك السورية على التعامل معه، مما أدى إلى عزلة مالية غير رسمية جعلت من تنفيذ التحويلات الدولية عبر الشبكة أمراً صعباً للغاية.

"تسهيل التحويلات وجذب المستثمرين"

ترى نغم القدة، الطالبة في كلية الاقتصاد في دمشق، أن إعادة تفعيل سويفت "سيسهل التحويلات المالية، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار، ويشجع المستثمرين على دخول السوق السورية بفضل التسهيلات الكبيرة في الحوالات"، مضيفة أن "البنوك السورية كانت في عزلة تامة، والعودة إلى سويفت ستعيد ربطها بالخارج".

من جهته، يقول عبدالله صالح، الطالب الجامعي في اختصاص إدارة الأعمال بدمشق، إن "نظام سويفت سيسهل على التجار عمليات الاستيراد، بعدما كانت أكبر العقبات تتمثل في تحويل الأموال للموردين، مما اضطرنا سابقاً إلى اللجوء لمكاتب خارجية، مما زاد التكاليف". ويضيف أن هذه الخطوة "مهمة لجذب شركات أجنبية ستشارك في إعادة الإعمار، ويعتبر سويفت أداة أساسية في تعاملها المالي".

ويرى عمار خريساني، الصحفي والأستاذ في اللغة الألمانية بدمشق، أن "أثر سويفت لا يقتصر على الاستثمار، بل يمتد إلى المواطن في الداخل، خاصة في موضوع الحوالات التي كانت تحتاج إلى وسيط، وتؤدي إلى خسارة في فرق التحويل". ويشير إلى أن "التحويل المباشر من بنك إلى بنك عبر سويفت سيجعل العملية أكثر أماناً ويحافظ على القيمة الحقيقية للأموال".

الانفتاح مجدداً على الاقتصاد العالمي

يقول الدكتور علي كنعان، عميد كلية الاقتصاد، إن "العقوبات السابقة حرمت سوريا من التعامل مع شبكة سويفت"، موضحاً أنها "شبكة اتصالات خاصة بالبنوك تتيح التحويل بين أي مصرف وآخر حول العالم".

ويشير إلى أن عدم القدرة على استخدام سويفت جعل من البنوك السورية كيانات محلية بلا صلة بالخارج، أشبه بدوائر حكومية داخلية. ويضيف كنعان أن "رفع العقوبات يسمح الآن بإدخال سوريا من جديد إلى الشبكة العالمية، وهو ما سيساهم في إعادة العلاقات المصرفية مع الخارج، من خلال البنوك المراسلة في مختلف الدول".

ويؤكد أن العودة إلى سويفت تخفف التكاليف على البنوك وتسرع عمليات الاستيراد والتصدير ونقل الأموال، وكذلك تحويلات المغتربين، بالإضافة إلى جذب أموال المستثمرين السوريين في الخارج.

ويرى عميد كلية الاقتصاد بدمشق أن الميزة الأهم في سويفت هي عامل الأمان، "حيث تتم العمليات بدقة عالية من بنك إلى بنك، على عكس التحويل عبر شركات الصرافة أو الوسائل الملتوية، التي كثيراً ما تتسبب في خسائر للبنوك والمواطنين".

ويشير إلى أن هذه الخطوة ستطلق حركة اقتصادية جديدة في البلاد، كانت غائبة، وستمهد لانفتاح سوريا مجدداً على الاقتصاد العالمي وزيادة الإنتاج.

تحتاج سوريا إلى إجراء تحويلات مالية عبر المؤسسات المالية الغربية لجلب مبالغ طائلة لإعادة الإعمار وإنعاش اقتصاد مزقته الحرب، وخلف 9 من كل 10 أشخاص فقراء، وفقاً للأمم المتحدة.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: