الثلاثاء, 1 يوليو 2025 08:18 PM

جدل حول لقاءات السلطة مع الطوائف: هل تتراجع الدولة عن مبدأ المواطنة؟

جدل حول لقاءات السلطة مع الطوائف: هل تتراجع الدولة عن مبدأ المواطنة؟

أفادت الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية بأن معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية “علي كده” عقد اجتماعاً يوم أمس مع وفد من “الطائفة المرشدية”، وذلك بهدف تعزيز التواصل الوطني ومناقشة التحديات التي تواجه أبناء الطائفة.

سناك سوري _ دمشق

أشار “كده” إلى أهمية استمرار التواصل مع جميع “الطوائف” والمكونات الوطنية، بالإضافة إلى بحث الإشكالات التي تؤثر على الحالة العامة لسياسة الدولة. تجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء ليس الأول من نوعه الذي تعقده السلطات السورية مع وفود تمثل “طوائفاً”، الأمر الذي يتعارض مع تأكيد السلطة على مبدأ المواطنة وعدم التمييز بين الأفراد على أساس الانتماءات الدينية، وهو المبدأ الذي أكدته المادة 10 من الإعلان الدستوري، والتي تنص على المساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو النسب.

وفي شهر آذار الماضي، التقى الرئيس السوري “أحمد الشرع” بوفد من الطائفة الشيعية في “سوريا”. وعلى الرغم من عدم صدور بيان رسمي حول تفاصيل الاجتماع، إلا أن التصريحات التي أدلى بها الحاضرون أشارت إلى أن “الشرع” أكد على أهمية النظر إلى جميع السوريين من منظور المواطنة الكاملة والقانون.

التعامل مع المواطنين كطوائف

يبدو أن التعامل مع المواطنين على أساس طائفي لم يقتصر على الاجتماعات فقط، بل تجلى في صور أكثر حدة في مجازر “الساحل السوري”، والتي ارتُكبت على خلفية طائفية بعد تحميل طائفة بأكملها مسؤولية أفعال النظام السابق وأتباعه.

صحيح أن السلطة السورية لم تعلن هذا الاتهام صراحة، إلا أنها لم تتصد له بالقدر الكافي لحماية المدنيين في الساحل من الهجوم العنيف الذي تعرضوا له في آذار، والذي دفعوا ثمنه من أرواحهم وإصاباتهم. وتكرر السيناريو مع اندلاع أحداث “جرمانا” و”أشرفية صحنايا”، عندما أصدرت وزارة بياناً غريباً ذكرت فيه أن المشافي العامة تستقبل وتعالج المصابين “الدروز”، مما أثار جدلاً واسعاً حول تصنيف المواطنين وفقاً لطوائفهم، واعتبار علاجهم إنجازاً للوزارة، متجاهلة أن معالجة الجرحى هي مسألة إنسانية بحتة بغض النظر عن هوية المصاب وطائفته وعرقه.

في غضون ذلك، يتزايد دور رجال الدين والطوائف في التحدث باسم “أبناء الطائفة”، واعتبارهم الجهة المخولة بالتواصل مع السلطة، وكأن العلاقة بين طرفين: الدولة من جهة والطوائف من جهة أخرى، دون الأخذ في الاعتبار أن “الدولة” مسؤولة عن جميع مواطنيها دون استثناء أو تمييز، وأنه يجب التعامل معهم على قدم المساواة دون تفضيل طائفة على أخرى أو التقليل من شأن مذهب على حساب آخر.

من جانب آخر، وفي الوقت الذي تُعقد فيه الاجتماعات مع ممثلي الطوائف ووفودهم ورؤسائهم الروحيين، ويلتقي بهم مسؤولون في السلطة لبحث شؤون “أبناء الطائفة”، يغيب أي تعامل مماثل من السلطة مع القوى السياسية المحلية. إن ترك أمر تشكيل الأحزاب وحرية عملها غامضاً، دون سماح أو منع، يجعل إطلاق الحياة السياسية موضع شك، وتبقى القوى السياسية غير قادرة على بناء قاعدة شعبية تمكنها من محاورة السلطة والتحدث باسم جمهورها، بدلاً من حصر الحديث برجال الدين.

مشاركة المقال: