الخميس, 3 يوليو 2025 08:07 AM

في دير الزور: كأس ماء بارد بـ 12 ألف ليرة.. رفاهية محفوفة بالمخاطر

في دير الزور: كأس ماء بارد بـ 12 ألف ليرة.. رفاهية محفوفة بالمخاطر

مع ساعات الصباح الأولى، يبدأ "أبو خالد" يومه في دير الزور حاملاً حافظة المياه الكبيرة، باحثاً عن بائع ثلج يخلصه من حرارة الشمس التي تتجاوز 35 درجة مئوية. فمع انقطاع الكهرباء المستمر، وعدم قدرة البرادات على مواجهة التقنين، كل ما يتمناه هذا الرجل الستيني هو قالب ثلج، حتى وإن كلفه 12 ألف ليرة سورية، وحتى لو كان مليئاً بالشوائب أو مجهول المصدر.

في مدينة أنهكها الانقطاع اليومي الطويل للكهرباء، كما هو الحال في سائر المدن السورية، لم يعد السكان يهتمون بنظافة الثلج أو جودته، بل بتوفره فقط. ومع غياب البدائل الحقيقية للتبريد، تحول الثلج إلى سلعة ضرورية، رغم ارتفاع ثمنها ومخاطرها الصحية المحتملة.

يقول "أبو خالد" لـ"سناك سوري" إنه غالباً ما يجد شوائب مثل الرمل في قاع الوعاء الذي يضع فيه الثلج لتبريد المياه، ولكنه لا يجد بداً من ذلك، فالحرارة مرتفعة ولا تطاق بدون الثلج.

أما "فاطمة"، وهي معلمة مدرسة متقاعدة من أهالي حي "الجبيلية"، فقد وجدت طريقة للتخفيف من الشوائب قدر الإمكان. تقوم "فاطمة" بشراء قالب الثلج من البائع المتجول، ثم تضعه داخل عدة أكياس نظيفة، غالباً ما تكون أكياس الخبز، ثم تضعه في وعاء فيه ماء، ليبرد الماء دون أن تختلط مياه الثلج الذائبة بمياه الشرب.

ورغم أن هذه الطريقة قد خففت من قلق "فاطمة" على صحتها وصحة عائلتها، إلا أن دفع 12 ألف ليرة يومياً ثمن الثلج ليس مبلغاً بسيطاً، وهو يشكل عبئاً كبيراً عليها وعلى سائر سكان المدينة، على أمل أن تتحسن ساعات وصل الكهرباء في المستقبل القريب وتخفف عنهم هذا العبء.

على الرغم من أن مبلغ 12 ألف ليرة قد يبدو قليلاً، إلا أن الحاجة اليومية لشراء قالب الثلج بهذا السعر تعني أن العائلة تنفق شهرياً حوالي 360 ألف ليرة، وهو مبلغ يعادل راتب موظف حكومي قبل الزيادة، وثلث راتبه بعد الزيادة.

في المقابل، لا تعكس جودة الثلج المعروض هذا الثمن المدفوع. فقد رصد "سناك سوري" صوراً عبر الفيسبوك لقوالب الثلج، أو ما يعرف محلياً بـ "قوالب البوز"، يتم تخزينها في أماكن تفتقر إلى شروط النظافة، مع غياب أي رقابة على مصدر المياه المستخدمة في صناعتها.

وسبق أن كشفت حملة تفتيش مفاجئة على أحد خزانات المياه في أحد معامل الثلج في المدينة عن وجود تلوث جرثومي، كما ذكرت مديرة المخبر المركزي في مؤسسة مياه الشرب بدير الزور، إسراء الحسين، وأضافت في تصريحات نقلتها "" في شهر أيار الماضي، أن «الحملة تأتي في ظل تحديات تواجه نظافة خزانات مياه الشرب في المنشآت العامة والمرافق الخاصة، بما في ذلك المطاعم ومعامل الثلج».

بين الحاجة اليومية للتبريد وغياب البدائل، يجد الكثير من سكان دير الزور أنفسهم أمام معادلة صعبة تجمع بين التكلفة العالية والمخاطر الصحية المحتملة. وفي ظل استمرار التقنين الكهربائي وغياب رقابة فعلية على معامل إنتاج الثلج، تبقى سلامة المواطنين رهن مبادرات فردية، وانتظار طويل لتحسين واقع الخدمات الأساسية في المدينة.

مشاركة المقال: