الجمعة, 4 يوليو 2025 10:06 PM

بعد 64 عامًا على اغتياله: قصة لومومبا.. سنّه الذهبية تكشف وحشية الجناة

بعد 64 عامًا على اغتياله: قصة لومومبا.. سنّه الذهبية تكشف وحشية الجناة

أخبار سوريا والعالم/ بعد مرور قرن على ولادة باتريس لومومبا و 64 عامًا على اغتياله وتقطيع جسده وإذابته في حمض الكبريتيك، لا تزال قضيته مفتوحة، واسمه يتردد كرمز للبطولة وفظاعة الجناة.

ناضل لومومبا بشدة من أجل حرية واستقلال بلاده الكونغو الديمقراطية عن بلجيكا، ولم يتمكن السجن من إسكاته أو وقفه.

واجه البلجيكيين وكشف أساليبهم الاستعمارية الوحشية أمام العالم، وانتقد بشدة الملك بودوان الأول، الذي حكم البلاد من عام 1951 حتى وفاته عام 1993، خلال حفل استقلال الكونغو في 30 يونيو 1960، متحديًا تمجيده للاستعمار.

كان المستعمرون البلجيكيون في الكونغو، كغيرهم من القوى الاستعمارية، يصفون أنفسهم بالحضارة والتطور، بينما يصفون سكان هذا البلد الإفريقي بالتخلف والوحشية، لكن الممارسات على أرض الواقع عكست هذه الصورة المهينة.

بسبب مقاومة باتريس لومومبا للمستعمر ودفاعه عن حقوق الأفارقة الأساسية، قُتل ظلمًا وعدوانًا، ثم دُفن قبل أن تُستخرج جثته مرة أخرى وتقطع وتُذاب في حمض الكبريتيك.

لم يتبق منه سوى قطعتين من إصبعين وسن مطلية بالذهب احتفظ بها ضابط بلجيكي لعقود طويلة كـ "غنائم صيد عسكري".

قاوم هذا المناضل الإفريقي كل الضغوط وخاض الانتخابات، وتمكن من تشكيل ائتلاف وحصل من البرلمان على منصب رئيس الوزراء، لكن ذلك لم يرق للبلجيكيين والأمريكيين، الذين رأوا في موقفه الحازم المعادي للاستعمار والاستغلال الغربي لثروات بلاده خطرًا على مصالحهم، فقرروا التخلص منه بأي ثمن.

بعد أيام من استقلال جمهورية الكونغو الديمقراطية عن الاستعمار البلجيكي وتولي باتريس لومومبا منصب رئيس الوزراء، انفصلت مقاطعة كاتانغا بقيادة مويس تشومبي، وبدعم من شركات التعدين والقوات البلجيكية.

تدخلت الاستخبارات الأمريكية وشاركت في المؤامرة لإقصاء لومومبا، الذي طلب مساعدة الاتحاد السوفيتي بعد عجز الأمم المتحدة عن التحرك.

دُفع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كاسا فوبو إلى عزل لومومبا في سبتمبر 1960، ثم قام العقيد جوزيف ديزي موبوتو، الذي عُرف فيما بعد باسم موبوتو سيسي سيكو، بانقلاب دبّرته الاستخبارات المركزية الأمريكية. اعتُقل لومومبا وزُج به في السجن، ثم أُخرج منه وسُلم لقوات المتمردين في كاتانغا.

بحماية مرتزقة بلجيكيين، قام متمردو مقاطعة كاتانغا بتعذيب أول رئيس وزراء في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل إعدامه رميًا بالرصاص بالقرب من مدينة لوبومباشي.

لاحقًا، وللتأكد من طمس جميع أدلة الجريمة، أشرف مفوض في الشرطة البلجيكية يدعى جيرارد سويت على نبش قبر لومومبا واستخراج الجثة وتقطيعها وإذابة أجزائها في حمض الكبريتيك، ثم إحراق ما تبقى من بقايا.

اعترف جيرارد سويت في وقت لاحق بأنه احتفظ بسن مطلية بالذهب وقطعتي أصابع، ووصف فعلته بأنها "انحدار إلى أعماق الجحيم".

كشف هذا البلجيكي علنًا عن وجود سن لومومبا الذهبية في حوزته أثناء مشاركته في فيلم وثائقي عام 1999، وقام بعرضها كتذكار صادم. بعد وفاته في عام 2000، ورثت عنه السن ابنته غوديليف وقامت بعرضها على وسائل الإعلام البلجيكية في عام 2016.

سارعت السلطات البلجيكية إلى مصادرة "السن الذهبية"، وقامت ابنة لومومبا بحملة ضغط على مدى سنوات لاستعادتها.

في عام 2002 وفي سابقة هي الأولى، عبّر الملك فيليب عن "أسفه العميق" لاستغلال الكونغو!، فيما أقر رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو بـ "المسؤولية الأخلاقية" لبلجيكا في مقتل لومومبا خلال حفل رسمي في بروكسل أعيدت فيه رسميًا "السن الذهبية".

وضعت السن المطلية بالذهب في نعش نُقل جوًا إلى عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا، حيث دُفنت في ضريح في الذكرى 62 لاستقلال البلاد في 30 يونيو 2022.

سعى مدعون عامون بلجيكيون في يونيو 2025 إلى محاكمة آخر مشتبه به في هذه القضية لا يزال على قيد الحياة، وهو دبلوماسي سابق يدعى إتيان دافينيون ويبلغ من العمر 92 عامًا. حُددت جلسة الاستماع في هذه القضية في 20 يناير 2026.

في النهاية، وبعد الفوضى العارمة المزمنة والتمردات والحروب المتواصلة التي جُرت إليها جمهورية الكونغو الديمقراطية، زائير في فترة حكم الدكتاتور موبوتو، لم يعد يثق أبناء لومومبا في أحد، حتى أن نجله جاي باتريس عارض إعادة "سن" والده خشية من أن يستغلها "السياسيون لتسجيل نقاط" لصالحهم.

المصدر: RT.

مشاركة المقال: