الإثنين, 7 يوليو 2025 12:38 AM

أزمة توظيف خانقة تواجه خريجي الجامعات الأمريكية: هل يعيق الذكاء الاصطناعي مستقبلهم؟

أزمة توظيف خانقة تواجه خريجي الجامعات الأمريكية: هل يعيق الذكاء الاصطناعي مستقبلهم؟

تواجه ريبيكا أتكينز، البالغة من العمر 25 عامًا، صعوبات جمة في الحصول على وظيفة، حيث قدمت أكثر من 250 طلبًا خلال عامين دون جدوى. يعكس هذا الوضع ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات الشباب في الولايات المتحدة، وهي الأعلى منذ أكثر من عقد.

تقول أتكينز، الحائزة على شهادة في القانون عام 2022 من إحدى جامعات واشنطن: "كان الأمر محبطًا للغاية، وكنت مقتنعة بأنني شخص رديء، وبأن عملي رديء".

تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة البطالة بين الخريجين الشباب الجدد من الجامعات الأمريكية تبلغ 5.8%، وهي أعلى نسبة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2013، باستثناء 15 شهرًا خلال جائحة كوفيد. وتجاوزت هذه النسبة معدل البطالة الإجمالي، وهو وضع غير معتاد وفقًا للمحللين.

بينما استقر معدل البطالة الإجمالي في الولايات المتحدة بين 3.5 و4% بعد الجائحة، استمرت النسبة بين المتخرجين الجدد في الارتفاع. وتشهد سوق العمل للخريجين الجدد تراجعًا مستمرًا منذ العام 2022، مع انخفاض التوظيف الجديد بنسبة 16 بالمئة في 2025 على أساس سنوي، وفقًا لشركة "غوستو" المتخصصة في الرواتب.

يرى المحللون أن هذا الاتجاه يعكس تباطؤًا دوريًا في التوظيف بعد الجائحة، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الخريجين الجدد مثل التكنولوجيا والمالية والأعمال، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي مع البلبلة التي سادت بدايات ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يزيد هذا الوضع من صعوبة أوضاع الشبان الذين يبحثون عن أول وظيفة لهم، والذين يواجهون في الغالب ديونًا طائلة لتسديد تكاليف دراستهم. وتقول ريبيكا أتكينز، التي تنقلت على مدى سنوات بين وظائف بدوام جزئي والعمل في مطاعم: "كل الوظائف التي أردتها لم تكن لدي المؤهلات لها، فغالبًا ما تتطلب وظائف المبتدئين خبرة لأربع أو خمس سنوات".

يصف ماثيو مارتن، الخبير الاقتصادي لدى "أوكسفورد إيكونوميكس"، الوضع بأنه "استثنائي بالتأكيد"، مشيرًا إلى أن الوظائف المكتبية عادة لا تكون عرضة للتباطؤ الدوري مثل غيرها. وأظهرت دراسة أجراها مارتن أن فرص العمل في قطاع الخدمات للشركات تراجعت بأكثر من 40% منذ عام 2021، مع تأثر وظائف قطاع التكنولوجيا بصورة غير متناسبة.

أوضح مارتن لوكالة فرانس برس أن "جزءًا من ذلك يعود إلى تباطؤ وتيرة التوظيف إذ تعمد الشركات إلى تقليص كتلة العاملين فيها بعدما وظفت بأعداد كبيرة جدًا خلال 2022، لكن الحجم الهائل للانخفاض يشير كذلك إلى تأثير الذكاء الاصطناعي"، لافتًا إلى احتمال أن يقضي الذكاء الاصطناعي على بعض الوظائف الخاصة بالمبتدئين.

ويرى غريغوري داكو، الخبير الاقتصادي لدى مكتب "إيه واي بارتينون"، أن تباطؤ التوظيف في قطاع التكنولوجيا، مع تركيز الشركات جهودها على الحفاظ على مواهبها، ينعكس بصورة "غير متكافئة" على الخريجين الشباب. ويعزو داكو تباطؤ التوظيف أيضًا إلى التغييرات الكبرى المرتبطة بالسياسة التي يتبعها ترامب منذ توليه السلطة في كانون الثاني/يناير، موضحًا أن "الضبابية القصوى في ما يتعلق بسياسات الإدارة بشأن التجارة والرسوم الجمركية وغيرها حملت العديد من الشركات على إبطاء التوظيف أو تجميده".

لكنه يحذر من التسرع في الاستنتاج أن الذكاء الاصطناعي بدأ فعليًا في القضاء على عمل المبتدئين، مشيرًا إلى أن اعتماد معظم القطاعات على التكنولوجيا لا يزال محدودًا. ويضيف: "الواقع أن شركات كثيرة لا تزال في المراحل الأولى من تبني هذه التكنولوجيات الجديدة، وأعتقد أنه من المبكر بعض الشيء الافتراض بأننا وصلنا إلى مستوى استخدام … يكون له تأثير مرئي على الاقتصاد الكلي".

تعتبر الولايات المتحدة ربما الدولة الأغلى في العالم على صعيد التعليم الجامعي، إذ يبلغ متوسط تكاليف الدراسة الجامعية فيها 27673 دولارًا في السنة، بحسب البيانات الرسمية. وتشير البيانات للعام 2020 إلى أن 36.3% من طلاب الجامعات الأميركية حصلوا على قروض طلابية فدرالية حتى يتمكنوا من دفع التكاليف المتزايدة، وتقدر مبادرة بيانات التعليم متوسط قيمة القروض الطلابية للمتخرجين بـ29550 دولارًا.

وحتى بدون أعباء القروض الطلابية، فإن سوق العمل الضعيفة يمكن أن تجعل بعض الخريجين الجدد يشعرون بالإرهاق. وتقول كاتي بريمر (25 عامًا)، المتخرجة من "الجامعة الأميركية" بشهادة مزدوجة في علوم البيئة والصحة العامة عام 2021، إنها قضت أكثر من عام قبل العثور على وظيفة بدوام كامل ولو أنها لم تكن من ضمن اختصاصها. وحتى مع هذه الوظيفة، اضطرت إلى العمل في رعاية الأطفال لزيادة دخلها. وتوضح لفرانس برس: "كنت أشعر وكأنني أعمل باستمرار".

وتضيف: "يبدو من المستحيل بالنظر إلى التكاليف المعيشية، أن نحاول جعل راتبنا يكفي لتغطية كل المحطات التي يفترض بنا تخطيها في حياة بالغ شاب".

وليس هناك أمل كبير بهذا الصدد في المستقبل المنظور، ويحذر المحللون من أن الأمر سيستغرق وقتًا قبل أن تتمكن سوق العمل من تقويم أوضاعها، ومن المرجح أن ترغم هذه التعديلات الطلاب على اختيار مجالات تخصص مختلفة. ويتوقع مارتن أن "يسوء الأمر أكثر قبل أن يتحسن".

وتختتم بريمر حديثها قائلة: "ثمة لحظات تساءلت فيها كيف سيفعل جيلي ليتمكن من تحسين وضعه؟"

مشاركة المقال: