الإثنين, 7 يوليو 2025 04:30 PM

أوروبا تحترق بسبب المناخ وسوريا تبحث عن متهم: حرائق تلتهم الأخضر واليابس

أوروبا تحترق بسبب المناخ وسوريا تبحث عن متهم: حرائق تلتهم الأخضر واليابس

تشهد فرنسا سلسلة حرائق مروعة، بينما سجلت تركيا أكثر من 700 حريق خلال 10 أيام فقط. وفي اليونان، أجبرت الحرائق السكان على إخلاء قريتين بالكامل. تتزامن هذه الأحداث المأساوية مع الحرائق المستمرة في ريف اللاذقية الشمالي.

سناك سوري-دمشق

في أوروبا، يُعزى سبب الحرائق إلى موجة الحر الشديدة والجفاف الذي أصاب الغابات. هناك، لم تتبادل الأطراف الاتهامات. أما في سوريا، فالوضع مختلف تماماً. فبينما تهدد النيران المنازل والغابات، وتضر برئة البلاد، اشتعلت حرائق أخرى على فيسبوك، لا تقل ضراوة عن النيران الحقيقية. البعض يتهم "الفلول"، والبعض الآخر يحمّل "تنظيمات تكفيرية" المسؤولية، بينما يرى آخرون في النار امتداداً لصراع سياسي لا ينتهي.

ما يحدث ليس مجرد تبادل للآراء، بل توسيع للفجوات في نسيج اجتماعي هش. كل منشور يحمل اتهاماً بالخيانة، وكل تعليق يزيد من الانقسام. في المقابل، النيران لا تميز بين الأشجار التي تلتهمها.

الجانب المريح في الأمر، هو أن هذه النيران الافتراضية لا تعكس الواقع تماماً. ففي الميدان، المشهد مختلف. رجال الإطفاء من مختلف المحافظات، ومتطوعون من إدلب ودوما وصوران وسلمية، يحملون الماء ويمدون الخراطيم، ويخوضون النار جنباً إلى جنب مع عناصر الدفاع المدني.

لا أحد يسأل الآخر عن هويته أو من أي منطقة هو. السؤال الوحيد المطروح هو: كيف ننقذ ما تبقى؟ السوريون ما زالوا يعرفون بعضهم البعض على أرض الواقع، ولكن يبدو أن البعض نسي ذلك على فيسبوك.

ما نحتاجه اليوم ليس بياناً جديداً أو تحليلاً للمؤامرات، بل وقفة صادقة مع الذات. هل نحن بحاجة إلى تفسير كل مصيبة بمنظار عدائي؟ أليست موجة الحر كافية لإشعال الحرائق، خاصة مع قلة الأمطار هذا العام وجفاف الأرض؟

ما نحتاجه اليوم ليس نظرية جديدة حول "من أشعل النار"، بل شجاعة بسيطة للاعتراف بالواقع: الأرض عطشى، والجو خانق، والأشجار يابسة. لا حاجة لاختراع عدو وهمي يضيف وقوداً للنار. نحتاج إلى إطفاء الغضب أولاً، وأن نثق ببعضنا البعض، وأن ندرك أن بعض الحرائق لا تُخمد بالماء، بل بالوعي.

مشاركة المقال: