كشف تقرير رسمي صادر عن منظمة الزراعة والتنمية الريفية (SARD) أن الحرائق التي شهدتها أرياف محافظة اللاذقية مؤخرًا، قد أسفرت عن تدمير ما يزيد عن 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية والحرجية، أي ما يعادل 100 كيلومتر مربع، ويمثل أكثر من 3% من إجمالي الغطاء الحراجي في سورية.
وأوضحت المنظمة أن النيران اندلعت في 28 موقعًا على الأقل في ريف اللاذقية، مما تسبب في خسائر كبيرة للغابات والمزارع والممتلكات الخاصة، خاصة في قرى مثل بيت عيوش، المزرعة، سبّورة، والبسيط.
آلاف النازحين وسط كارثة إنسانية
أفاد التقرير بأن أكثر من 1120 شخصًا نزحوا قسريًا من منازلهم بسبب الحرائق، بينما يقدر عدد المتضررين بنحو 5,000 شخص، بمن فيهم كبار السن والأطفال والمرضى الذين يعانون من مشاكل تنفسية تفاقمت بسبب الدخان الكثيف الذي وصل إلى حماة وريفها، وجنوب إدلب.
تضرر البنية التحتية والحياة البرية في خطر
أدت النيران إلى تضرر شبكة الكهرباء في منطقة البسيط، وخروج محطة رئيسية عن الخدمة بعد احتراق خطوط التوتر المتوسط، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل مضخات المياه في عدة قرى. كما ألحقت الحرائق أضرارًا بالطرق الرئيسية، بما في ذلك الطريق الدولي المؤدي إلى تركيا، وأدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية وتدمير واسع في المواطن الطبيعية للحياة البرية، مما يشكل تهديدًا بيئيًا طويل الأمد.
نداء إنساني عاجل
أكدت تقارير إنسانية صادرة عن منظمات محلية على الحاجة الماسة لتأمين مأوى مؤقت، ومياه شرب نظيفة، ومساعدات غذائية، ومستلزمات طبية، وطرود نظافة، بالإضافة إلى توفير دعم نفسي واجتماعي للمتضررين، وخاصة الأطفال والنساء.
تواجه فرق الإطفاء صعوبات كبيرة في احتواء النيران بسبب وعورة التضاريس، وارتفاع درجات الحرارة، ونقص التجهيزات، وخطر انفجار الألغام والذخائر غير المنفجرة التي تعيق عمليات الاستجابة وتعرض حياة رجال الإطفاء للخطر.
خسائر فادحة في الغطاء الحرجي منذ 2011
تشير بيانات منظمة SARD إلى أن سورية فقدت ما بين 90 و120 ألف هكتار من الغابات الطبيعية منذ عام 2011 وحتى منتصف 2024، مع تركز الخسائر الأكبر في المحافظات الساحلية مثل اللاذقية، إدلب، حماة، وحمص. وتقدر منظمة PAX أن هذه المناطق وحدها فقدت نحو 45,320 هكتارًا من غطائها الحراجي بين عامي 2011 و2021، أي ما يقارب 36% من مساحة الغابات المحيطة.
بافتراض أن كل هكتار يحتوي على نحو 1,000 شجرة، فإن سورية تكون قد فقدت قرابة 105 مليون شجرة حراجية منذ اندلاع الحرب، مما ينذر بكارثة بيئية تتطلب تحركًا عاجلاً.
جهود متعثرة لإعادة التشجير
وفقًا لمؤسسة مداد، تحتاج سورية إلى 1.85 مليون هكتار من المساحات الخضراء لتحقيق الحد الأدنى من الغطاء الحراجي المستدام (10%)، أي ما يعادل 1.3 مليار شجرة، في حين لا يتوفر حاليًا سوى 2 مليون شتلة حراجية، مما يبرز فجوة هائلة في القدرة على إعادة إحياء البيئة الطبيعية. وكانت المؤسسة قد خططت لإطلاق حملة وطنية للتشجير بالتعاون مع وزارة الزراعة، إلا أن موجة الحرائق الأخيرة عطلت تلك المساعي، وتم توجيه نداء إلى الداعمين والمتطوعين للمساهمة في وضع خطة تنفيذية عاجلة.
تلفزيون سوريا