نورمان العباس – دمشق
أثار تشكيل وزارة العدل السورية لجنة لدراسة تعديلات محتملة على عقود الإيجار، خاصة الخاضعة للتمديد الحكمي، موجة غضب في أوساط التجار الدمشقيين. وقام أكثر من 300 تاجر بتوقيع عريضة احتجاجية ضد هذه الخطوة، محذرين من تأثيراتها على استقرار السوق، ومؤكدين على الاختلاف بين العقود التجارية والسكنية من حيث الشروط والخصوصية.
“نريد قرارات عادلة”
قال ماهر الأزعط، عضو غرفة تجارة دمشق، لنورث برس، إنه “لا يجوز بخس حق أي طرف”، داعياً وزارة العدل إلى الشفافية التامة، خاصة فيما يتعلق بتوضيح تشكيل اللجنة ومهامها. وأضاف أن تصريحات وزير العدل بعد الاحتجاج قد أراحت الكثيرين، لكنه أشار إلى أن لكل حالة فروغ خصوصيتها. وتساءل “الأزعط” عما إذا كان المستثمرون في الخارج سيثقون بفتح مشاريع في سوريا إذا كانت القوانين عرضة للتقلبات بهذا الشكل، مؤكداً على ضرورة إصدار قرارات عادلة تنصف كل من دفع الفروغ ومن يملك العقار على حد سواء.
فيما أوضح شفيق شربجي، وهو تاجر من دمشق، أن 99% من المحال التجارية في سوريا تعتمد على نظام الفروغ، معتبراً إياه “عقداً شرعياً”. وأضاف: “أنا اشتريت المحل من صاحبه الأصلي بمبلغ مالي وبموافقة كاملة، ولم أستخدم نفوذاً أو تهديداً كما يدّعي البعض ولم أصطحب معي دورية من فرع الخطيب لإجبار المالك، فالفروغ معمول به منذ الخمسينات”. وحذر شربجي من “فتنة كبيرة” قد تضرب السوق الدمشقي، محملاً بعض الجهات الخارجية مسؤولية التحريض ضد التجار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أما التاجر مسلم سلام، فأشار إلى أن والده استلم الفروغ في أواخر الخمسينات، وأن العقد يُجدد بشكل دوري. وأضاف أن “معظم أصحاب الفروغ دفعوا كامل قيمة المحال، وأن بعض المالكين لا يعلنون عن الملكية الكاملة لتجنب الضرائب”. وأشار إلى أن “في سوق الحميدية أكثر من 90 بالمائة من المحال فروغ، وفي الحريقة النسبة تصل إلى 85بالمائة”.
من جهته، قال رياض عبد النور، وهو صائغ ذهب من منطقة الحريقة، إن ملكية محله تعود إلى مديرية الأوقاف، وهو مستأجر على أساس الفروغ. وشدد على أنهم “لن يخرجوا من محالهم بجرة قلم”، مضيفاً أنهم “مستعدون لزيادة الإيجارات والضرائب بما يتناسب مع القانون والوضع الاقتصادي”.
مشاكل موروثة
أوضح محمد الحلاق، عضو غرفة تجارة دمشق، أن شاغلي العقارات المؤجرة ينقسمون إلى فئات: منهم من شغل العقارات قبل الخمسينات، وآخرون بين الخمسينات والستينات، ومنهم من استأجر بعد عام 2005، مشيراً إلى أن لكل فئة ظروفاً مختلفة تستدعي معالجة دقيقة. وقال “الحلاق” لنورث برس، إن “التجار الذين تجمعوا أمام وزارة العدل هم من شاغلي عقارات الفروغ وبعضهم يدفع أجوراً زهيدة لا تعكس القيمة الفعلية للعقارات، وهو ما يراه المالكون ظلماً، بينما بالمقابل يرى المستأجرون أنهم دفعوا مبالغ كبيرة كفروغ، وتحملوا على مدى سنوات تكاليف ورسوماً متنوعة.”
وأضاف أن القضية متعددة المحاور، وأن تحقيق العدالة المطلقة بين المالكين والشاغلين أمر غير ممكن، لكنه شدد على ضرورة عدم تجاهل المشكلة بعد أن أصبحت علنية. وأشار “الحلاق” إلى أن معظم المشاركين في الوقفة الاحتجاجية يطالبون بعدم إخراجهم من محالهم، معتبرين أن الفروغ بمثابة “ملكية”، رغم أن هناك من يرى شرعاً أنه لا وجود للفروغ في الشرع، بل فقط للبيع والإيجار.
ولفت إلى أن شاغلي العقارات اليوم أصبح لديهم استعداد لدفع مبالغ إضافية تتراوح بين 10 إلى 20 بالمائة من قيمة العقار لتحويله إلى ملك فعلي، مضيفاً أن “هناك من يطرح رأياً مخالفًا بأن العقارات لو لم تكن مشغولة لكان يمكن تأجيرها بأسعار أعلى بكثير. ويرى أن المشكلة الأساسية في أن معظم أصحاب الملك الأصليين وكذلك شاغلي الفروغ قد توفوا، والجُدد اليوم يواجهون تبعات مشاكل موروثة من عقود سابقة، وهي بحاجة لحل واقعي وعادل.
وفي حين أن غرفة تجارة دمشق تحركت لمناقشة تداعيات القرار، وعرضت سبل الدفاع عن مصالح التجار، بما في ذلك تنظيم حوار موسع مع كافة الجهات المعنية، بينما تقول وزارة العدل إن هدف اللجنة هو معالجة الإشكالات القانونية في عقود الإيجار القديمة، مع ضمان العدالة والتوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين.
تحرير: خلف معو