كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن اجتماع سري عُقد في العاصمة الأذربيجانية “باكو” بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، وذلك ضمن سلسلة من المحادثات الأمنية بين الطرفين.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر لم تفصح عنها، أن الاجتماع تناول عدة ملفات مهمة، من بينها التهديدات الإقليمية المتعلقة بـ”إيران” و”حزب الله”، بالإضافة إلى ملف الفصائل الفلسطينية الموجودة في سوريا. كما بحث الطرفان إمكانية فتح مكتب تنسيق إسرائيلي في دمشق، دون وجود تمثيل دبلوماسي رسمي.
وأشارت صحيفة أخرى إلى أن من بين الملفات المطروحة للنقاش هو التوغل العسكري الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام “بشار الأسد”، حيث احتلت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة المنصوص عليها في اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
وأكدت مصادر الصحف العبرية أن الرئيس السوري “أحمد الشرع”، الذي كان في زيارة رسمية إلى “أذربيجان”، لم يشارك في هذه الاجتماعات مع الجانب الإسرائيلي، بينما لم يتم الكشف عن هوية المسؤول السوري الذي حضر اللقاء.
من جهتها، أكدت صحيفة “” الحكومية أن “الشرع” لم يشارك في أي اجتماع مع الجانب الإسرائيلي على أي مستوى، معتبرة أن كل ما يتم تداوله مجرد اجتهادات إعلامية ناتجة عن إعلان “دمشق” عن رغبتها في سياسة “صفر مشاكل” مع دول الجوار، وسعيها لإلزام كيان الاحتلال بوقف اعتداءاته المتكررة على الجنوب السوري.
وأوضحت الصحيفة الرسمية أن الهدف المعلن من قنوات التواصل مع الكيان هو إلزامه بتطبيق اتفاق فض الاشتباك، مشيرة إلى أن التطبيع ليس مطروحاً، ولكن التهدئة مطلوبة.
في سياق متصل، ذكرت قناة “كان” العبرية أنه من المتوقع أن يحضر وزير الخارجية الإسرائيلي “جدعون ساعر” اجتماعاً في مقر الاتحاد الأوروبي في “بروكسل” بمشاركة وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني”، دون تحديد موعد للقاء منفصل بين الوزيرين.
كما نقلت العبرية الأسبوع الماضي عن مصدر مقرب من الرئيس السوري قوله إن لقاءً مرتقباً سيجمع بين “الشرع” ورئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” في “واشنطن” خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل. وأوضح المصدر أن سيعقد في البيت الأبيض وسيوقع خلاله “الشرع” و”نتنياهو” اتفاقية أمنية برعاية الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” كخطوة أولى نحو السلام والتطبيع.
وأفادت مصادر خليجية للقناة العبرية بأن “الإمارات” تواصل جهود الوساطة المكثفة بين سوريا وكيان الاحتلال، وأن هذا الدور الإماراتي يجري بمعرفة سعودية. وأشارت المصادر إلى أن العقبة الأساسية أمام المفاوضات هي رفض كيان الاحتلال سحب قواته من المنطقة العازلة، حيث يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن “الشرع” لم يسيطر بعد على جميع الفصائل المسلحة في البلاد، خاصة في الجنوب.
وعلى الرغم من الضجة الإعلامية المستمرة منذ أشهر حول ملف المفاوضات والتطبيع بين “دمشق” و”تل أبيب”، لم تصدر السلطات السورية بياناً واضحاً يوضح حقيقة هذه اللقاءات. وباستثناء التلميحات في الخطاب الرسمي للسعي نحو “صفر مشاكل” مع الجوار وأن “سوريا” لن تشكل تهديداً لأحد، لم تكشف السلطة الجديدة في “دمشق” للرأي العام حقيقة موقفها من التطبيع والسلام، وهو ما قد يعزوه البعض للتخوف من رد الفعل الشعبي ضد الذهاب بعيداً في التطبيع مع الكيان الذي لا يزال يحتل أراضٍ سورية منذ عام 1967.
وإذا كان توقيع الاتفاق مع الكيان ثمناً للدعم الدولي ورفع العقوبات الأمريكية وغيرها، فعلى أي أساس سيتم هذا التوقيع أو السلام؟ فالسلطة الحالية لم تأتِ بانتخابات واعتمدت على مؤتمر للفصائل العسكرية أوكل لها أمر السلطة، وقال الإعلان الدستوري الصادر عنها إنها ستقود مرحلة “انتقالية” لمدة 5 سنوات يتم بعدها إقرار دستور دائم وإجراء انتخابات تنتج سلطةً تحمل شرعية كافية من أصوات الناخبين، ومن الممكن حينها الحديث عن ملف بحجم توقيع سلام مع كيان يحتل الأراضي السورية ومناقشة شروط هذا الاتفاق وأثمانه.