دمشق-سانا: بعد عشرة أيام عصيبة شهدت حرائق كارثية، أعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح عن نجاح فرق الدفاع المدني والإطفاء في وقف انتشار النيران في جميع محاور ريف اللاذقية الشمالي، وهو الخبر الذي طال انتظاره من قبل السوريين. هذا الإنجاز تحقق بفضل جهود الفرق المختصة في سوريا والدول الشقيقة والصديقة.
أوضح الصالح في تغريدة عبر منصة اكس أن "المشهد يتغير، والدخان بدأ ينقشع، والفرق تواصل بشكل مكثف أعمال إخماد ما تبقى من البؤر المشتعلة وتبريد ما تم إخماده. وفقًا للمعطيات الحالية، تتجه الأوضاع نحو السيطرة ثم الانتقال إلى عمليات التبريد الشامل"، مؤكدًا أن هذه الكلمات تحمل تطمينات بتجاوز المراحل الصعبة والاتجاه نحو السيطرة الكاملة على الحرائق.
في 30 حزيران الماضي، تمكنت فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري ومديرية الزراعة من إخماد أكثر من 10 حرائق حراجية في ريف محافظة اللاذقية، لكن النيران عادت للاشتعال بعد أيام قليلة. ففي 3 تموز الحالي، تجددت الحرائق الضخمة في المناطق الجبلية من ريف اللاذقية، وامتدت في المنطقة الجبلية الحرجية شمال محافظة اللاذقية على مساحة 15 ألف هكتار، لتشمل مناطق مثل كارينكول والبركة وقسطل معاف، وربيعة، والزنّزاف، والقسّاب، ووصلت إلى مشارف مدينة كسب، وعبرت الحدود إلى الجانب التركي.
تمكنت فرق الإطفاء من تثبيت خطوط النار الفعالة، مما حال دون وصول ألسنة اللهب إلى غابات الفرلق وكسب. في غضون ذلك، أطلقت وزارة الزراعة قبل أيام برنامج التدخل السريع بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP)، لدعم المتضررين من الحرائق التي أتت على مساحة قدرها 15 ألف هكتار، وفقًا لتصريحات وزير الزراعة الدكتور أمجد بدر.
سارعت دول شقيقة وصديقة إلى تقديم المساعدة في عمليات إخماد الحرائق، حيث توجهت فرق من الدفاع المدني الأردني إلى محافظة اللاذقية للمشاركة في جهود إخماد الحرائق الحراجية منذ الأيام الأولى لاندلاعها. كما انضمت دولة قطر إلى جهود المساعدة لإطفاء الحرائق في ريف اللاذقية، وقد وجه الوزير “الصالح” كلمات شكر وتقدير لإرسال خمس طائرات قطرية تحمل على متنها حوّامات خاصة بإطفاء الحرائق، وسيارات إطفاء، و138 من الكوادر البشرية، دعمًا لجهود إخماد حرائق الغابات في ريف اللاذقية.
بادرت تركيا بدورها بإرسال فرق إطفاء ضمت مروحيتين و11 آلية، كما توجهت طوافتان تابعتان للقوات الجوية اللبنانية من مطار القليعات – عكار، للمشاركة في إخماد الحرائق، بناءً على تنسيق سوري-لبناني لتضاف مبادرة لبنان إلى مبادرات تركيا وعمّان والدوحة.
عكست هذه الاستجابة الإقليمية والدولية وقائع تعاون فعلي تجلى بوضوح بعد تواصل الوزير الصالح مع الاتحاد الأوروبي، وطلب مساندته، ليؤكد القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريا ميخائيل أونماخت بدوره استعداد الاتحاد لدعم الجهود المبذولة في هذا الإطار. كما تجلت مساعدة الاتحاد الأوروبي بتفعيل نظام كوبرنيكوس لدعم الجهود المبذولة في مكافحة الحرائق، وتأكيد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى إجراء فرق الأمم المتحدة تقييمات عاجلة لتحديد حجم الكارثة في ريف اللاذقية والاحتياجات الإنسانية العاجلة وإعرابه عن استعداد المنظمة الأممية لنشر بعثة مشتركة بين الوكالات في اللاذقية بالتنسيق مع السلطات والشركاء لتقييم الوضع بشكل أكبر واستكشاف سبل الدعم الفوري طويل الأمد.
فيما يتواصل العمل الميداني على تبريد بعض البؤر التي لا تزال منتشرة في الجبال خشية تمدد الحرائق مجددًا، أطلق صندوق مساعدات سورية “AFS” أمس تمويلًا طارئًا بقيمة 500 ألف دولار لدعم استجابة الدفاع المدني في إخماد الحرائق، في حين دفعت هذه الكارثة البيئية والإنسانية الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية إلى إطلاق حملات دعم عاجلة، أبرزها حملة “بردًا وسلامًا” التي انطلقت من حمص لتقديم المساعدات الغذائية والطبية والمادية للمتضررين، في مشهد يعكس تكاتف المجتمع السوري في مواجهة المحن.