الإثنين, 14 يوليو 2025 02:27 AM

الحمى القلاعية تفتك بالثروة الحيوانية في دير الزور: خسائر فادحة ومعاناة متزايدة للمربين

الحمى القلاعية تفتك بالثروة الحيوانية في دير الزور: خسائر فادحة ومعاناة متزايدة للمربين

دير الزور – عبادة الشيخ: تواجه الثروة الحيوانية في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، أزمة حادة بسبب تفشي مرض الحمى القلاعية، وهو فيروس شديد العدوى يصيب الحيوانات ذات "الظلف المشقوق" كالأبقار والأغنام والماعز. يهدد هذا المرض المنطقة بخسائر اقتصادية كبيرة ويزيد من معاناة السكان في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا. وتشتهر دير الزور بثروتها الحيوانية التي تعتبر مصدر رزق أساسي للعديد من الأسر.

أجرى مراسل عنب بلدي جولة في أسواق دير الزور، والتقى بعدد من التجار والمربين لتقييم تأثير تفشي الحمى القلاعية على المربين والاقتصاد المحلي. مصعب الحمد، وهو مربي أغنام من ريف دير الزور الشرقي، عبر عن قلقه الشديد بسبب إصابة قطيعه بالمرض، مؤكدًا خسارته لأكثر من 20 رأسًا من الحملان الصغيرة، وتراجع إنتاج الحليب لدى الأمهات. وأضاف: "لم يعد لدي ما أطعمه لعائلتي بسبب الخسائر"، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار اللقاحات، وصعوبة وصول الأطباء البيطريين إلى مناطق تربية الماشية بسبب الطرقات والوضع الأمني. وأكد أن المربين بدأوا في بيع ما تبقى من ماشيتهم بأسعار منخفضة لتوفير الطعام أو الدواء للحيوانات المصابة.

من جانبه، أوضح محمود الدبزي، وهو تاجر ماشية في "ماكف الميادين" (سوق الماشية في المدينة) بدير الزور، أن حركة البيع والشراء تراجعت بشكل كبير. وأشار إلى أن المربين يخشون شراء الحيوانات المصابة، وأن الأسعار انخفضت بشكل كبير. وأضاف أن الأبقار التي كانت تباع بأسعار جيدة، تواجه صعوبة في البيع حاليًا. وأكد أن المربين يتخلصون من حيواناتهم المصابة بأسعار زهيدة خوفًا من نفوقها، مما يزيد من معاناة التجار، وحتى اللحامين أصبحوا حذرين جدًا في شراء الذبائح.

أكد أيمن الكعاب، صاحب ملحمة في بلدة الصبحة، ارتفاع تكلفة شراء اللحوم الجيدة، حيث وصل سعر الكيلو الواحد إلى 100,000 ليرة سورية (نحو عشرة دولارات) بعد أن كان يباع بـ 60,000 ليرة. وأشار إلى أن اللحامين يواجهون صعوبة في الحصول على لحوم سليمة وخالية من الأمراض، ويعتمدون على الفحص البصري الذي لا يكفي دائمًا. وأضاف أن المستهلك أصبح أكثر حذرًا ويسأل عن مصدر اللحوم، مما أثر على حركة البيع بشكل كبير. وطالب الجهات المعنية بتوفير اللقاحات وزيادة الرقابة لضمان سلامة الثروة الحيوانية.

أوضح مدير دائرة الصحة والإنتاج الحيواني بمديرية الزراعة في دير الزور، محمد حيدر المحمد، أن الوضع يتطلب استجابة سريعة ومتكاملة للحد من انتشار المرض وتخفيف آثاره على الثروة الحيوانية والمجتمع المحلي. وأشار إلى عدة عوامل رئيسية تساهم في تفشي الحمى القلاعية بريف دير الزور، بما في ذلك ضعف الرقابة البيطرية بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية، ونقص التطعيمات الوقائية للحيوانات، والازدحام في حظائر الماشية، وانتقال العدوى عبر الحيوانات الجديدة أو المشتراة من مناطق موبوءة، وحركة الحيوانات غير المنضبطة، وتلوث مصادر المياه والأعلاف بالفيروس.

أشار الدكتور المحمد إلى أن أعراض الحمى القلاعية تشمل ارتفاع درجة حرارة الحيوان، وظهور تقرحات وبثور مؤلمة على الفم واللثة واللسان والحوافر، وسيلان اللعاب المفرط، وصعوبة الأكل والبلع، والعرج، وانخفاض إنتاج الحليب، وفقدان الشهية والضعف العام، وفي الحالات الشديدة، النفوق. وشدد على أهمية عزل الحيوانات المصابة، وتطهير الحظائر والأدوات، وعدم نقل أو بيع الحيوانات المصابة.

أكد الدكتور المحمد أن الحمى القلاعية تشكل "كارثة حقيقية" على الثروة الحيوانية بسبب تداعياتها الاقتصادية الخطيرة، بما في ذلك انخفاض إنتاج الحليب واللحوم، ونفوق العجول والصغار، وزيادة تكلفة الرعاية البيطرية، وتأثيرها على التجارة المحلية والدولية.

للوقاية من الوباء، شدد الدكتور المحمد على ضرورة التطعيم الدوري للحيوانات، وتحسين النظافة في الحظائر، ومراقبة الحيوانات الجديدة، وتجنب الرعي في مناطق موبوءة.

أوضح الدكتور المحمد أن انتقال العدوى إلى البشر نادر الحدوث، ويحدث في حالات استثنائية عند التعامل المباشر مع حيوانات مصابة دون احتياطات وقائية. وأكد أن الفيروس لا ينتقل عبر تناول اللحوم أو الحليب "المبستر".

أشار الدكتور المحمد إلى أن الظروف المثالية تتطلب فحصًا دقيقًا للحوم، ولكن الرقابة البيطرية قد تكون ضعيفة في مناطق مثل دير الزور بسبب الأوضاع الأمنية. ونصح المستهلكين بشراء اللحوم من مصادر موثوقة وطهوها جيدًا قبل تناولها.

مشاركة المقال: