الأربعاء, 23 يوليو 2025 09:04 AM

مهرجان قرطاج يحتفي بالذاكرة الموسيقية التونسية مع عرض "من قاع الخابية" للموسيقار محمد القرفي

مهرجان قرطاج يحتفي بالذاكرة الموسيقية التونسية مع عرض "من قاع الخابية" للموسيقار محمد القرفي

افتُتحت فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي بعرض موسيقي بعنوان "من قاع الخابية" للموسيقار محمد القرفي. وقد أخذ العرض الجمهور في رحلة عبر الذاكرة الموسيقية التونسية، مستحضراً أزمنة الحنين في أمسية لا تُنسى بتاريخ 19 جويلية 2025.

تماشياً مع شعار الدورة "تاريخ يتحكى.. فن يتعاش"، استعرض العرض فصولاً فنية ضاربة بجذورها في القرن العشرين، ورسم معالم رحلة موسيقية تمزج بين الفنون وتعكس الذاكرة، وذلك من خلال رؤية تجمع بين الأصالة والتجديد.

من خلال لوحات موسيقية تتداخل فيها الألحان مع الصور والكلمات مع الذاكرة، استعاد العرض محطات بارزة في مسيرة الإبداع التونسي خلال القرن العشرين، مستلهماً أعمال نخبة من الملحنين والرسامين والشعراء الذين أثروا الذائقة التونسية وتركوا بصماتهم في الساحة الإبداعية.

عندما امتزج عزف الأوركسترا السمفوني بألحان "سلام الباي"، تجسدت على الشاشة مشاهد تعيد الجمهور إلى عهد البايات، وصدح صوت الممثل جمال المداني لإضاءة دروب الذاكرة والتذكير بإرث فني لا يمحى.

الموسيقى والغناء والمسرح والشعر والرقص والرسم، فنون استلهم منها الموسيقار محمد القرفي ليأخذ الجمهور إلى "قاع الخابية"، هذه العبارة العامية التي تحمل في طياتها العمق والذاكرة والخفايا وتدعو إلى الاكتشاف.

في تمازج بين الماضي والحاضر، اكتشف الجمهور أسماء صنعت الوجدان الجمعي وشكلت حجر الزاوية للهوية الفنية الوطنية، حيث احتفى العرض بأعمالهم في مشهد سمعي بصري عززه حضور الفرقة الوطنية للفنون الشعبية.

على خشبة مسرح قرطاج الأثري، ظهرت صور تحكي عن حقب مختلفة من تاريخ تونس من خلال لوحات فنية وكلمات وألحان ورقصات من تصميم الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، وتجسدت على الشاشات وجوه الملحنين والشعراء الذين أثروا الفن التونسي، مثل خميس الترنان ومحمد التريكي ومحمد الجموسي وعلي الرياحي والهادي الجويني وعبد الحميد السلايتي وصالح الخميسي وصليحة وغيرهم ممن تركوا بصمة لا تُمحى في الذاكرة الشعبية.

وفي رؤية فنية لا تهدف إلى استعادة هذه الأعمال الفنية فحسب، بل تعيد تأويلها برؤية معاصرة تُعيد الاعتبار لإرث موسيقي شكل جزءاً هاماً من الحراك الثقافي والهوية الفنية التونسية.

وقد اختار الموسيقار محمد القرفي الفنانة محرزية الطويل والفنانين شكري عمر الحناشي وحمزة الفضلاوي والشاذلي الحاجي لأداء أغانٍ رسّخت مكانتها في الذاكرة، فصدحت بها أصواتهم المميزة فيما تواترت على الركح صور تعكس ثراء الموروث التونسي.

الثراء والتنوع انعكسا أيضاً على اللوحات الكوريغرافية التي اختلفت فيها الأزياء والخطوات والحركات، كما اختلفت المقامات الموسيقية والطبوع وتعددت الأصوات العتيقة التي تحكي بعضاً من تاريخ تونس الموسيقي.

بإشراف فني دقيق يزاوج بين الأصالة والتوزيع الأوركسترالي المعاصر، يمثل "قاع الخابية" دعوة مفتوحة لإعادة اكتشاف إرث ملهم، وتأمل في مسار الفن التونسي بين الأمس واليوم.

وفي سياق الاحتفاء بالذاكرة الإبداعية، كان ركح قرطاج الأثري مساحة للتغني بالكاتب علي الدوعاجي الذي كان حاضراً في كلمات جمال المداني في تقديم العرض وفي قراءة مسرحية ل "الكانزة الكل وأنا نكالي " وللكتاب والشعراء نصيب من الاحتفاء بالذاكرة في عرض « من قاع الخابية »، حيث حضر كل من أبو القاسم الشابي ومحمود بورقيبة وعثمان الغربي والطاهر القصار وجلال الدين النقاش صوتا ومعنى.

أغاني "الهلالو" والموسيقى النحاسية إلى "عرضوني زوز صبايا" و"اللي تعدا وفات" و"زعمة يصافي الدهر" و"حبي يتبدل يتجدد" و"خيل سالم" وغيرها، سافرت بالجمهور إلى الزمن الجميل وعكست ثراء الموسيقى التونسية وتلويناتها التي تحمل في ثناياها تأثيرات موسيقية مختلفة.

وعلى إيقاع التلوينات المختلفة تغوص الألحان والكلمات في عمق الذاكرة في الأداء الفردي لكل من الفنانين الشاذلي الحاجي ومحرزية الطويل وشكري عمر وحمزة الفضلاوي ويستعيد الثنائي حمزة الفضلاوي ومحرزية الطويل أغنية « عمري وعمرك » لحمادي الباجي وقدور الصرارفي و "خلقت طليقا" لأبي القاسم الشابي وعبد الحميد السلايتي.

وفي مشهدية تؤرخ دعم تونس لفلسطين صدحت أصوات الثلاثي محرزية الطويل وشكري عمر وحمزة الفضلاوي بأغنية « سيف فليشهر » لسعيد عقيل والأخوين الرحباني فيما تجلت الراية الفلسطينية على الشاشات.

مشاركة المقال: