استقبل قصر الشعب في دمشق وفدًا سعوديًا رفيع المستوى، ضم رجل الأعمال سليمان المهيدب ومحمد أبو نيان، في اجتماع مع رئيس المرحلة الانتقالية في سورية، أحمد الشرع.
تعكس هذه الزيارة، ذات الأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية، بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي السوري على منطقة الخليج، وخاصةً على الرياض.
الاجتماع تجاوز كونه مجرد بروتوكول دبلوماسي، ليشير إلى انطلاق مسار استثماري جاد بين دمشق والرياض، وذلك في إطار الجهود السورية لجذب الاستثمارات الخليجية إلى مشاريع إعادة الإعمار.
أفادت الرئاسة السورية عبر منصة “إكس” أن اللقاء ركز على تعزيز التعاون الثنائي، وطرح مشاريع اقتصادية مشتركة تهدف إلى تحريك الاقتصاد السوري المتوقف منذ أكثر من عقد.
تأتي هذه الزيارة استكمالًا لسلسلة من اللقاءات والمبادرات التي بدأت بمؤتمر الرياض في يناير 2025، واجتماعات بين وزراء الاستثمار والاقتصاد من الجانبين، بالتزامن مع قرار رفع العقوبات الغربية عن سورية في مايو، مما شجع القوى الاقتصادية الخليجية والغربية على العودة إلى الساحة السورية.
سليمان المهيدب، رئيس مجموعة المهيدب التي تأسست عام 1943، يمتلك حصة كبيرة من أسهمها. تشتهر المجموعة بتوسعها في مجالات العقارات ومواد البناء والصناعة، ولها مساهمات في شركات مثل “المراعي” و”صافولا”، مما يمنحها القدرة على تنفيذ مشاريع ضخمة في البنية التحتية والإعمار في سورية.
أما محمد أبو نيان، مؤسس شركة “أكوا باور” المتخصصة في مشاريع تحلية المياه والطاقة المتجددة، فيمتلك خبرة طويلة في تطوير محطات الطاقة والمياه في الشرق الأوسط. كما يدير شركة “رؤية للاستثمار”، التي تملك حصصًا استراتيجية في مشاريع ضخمة، ويركز على قطاع البنية الخدمية في سورية.
تأتي زيارة الوفد بعد لقاءات سابقة جمعت الشرع بمساعد وزير الاستثمار السعودي، ومباحثات بين وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار ونظيره السعودي خالد الفالح، لبحث فرص الاستثمار وتفعيل الشراكات في قطاعات الطاقة والصناعة والخدمات.
تسعى السعودية إلى الحصول على دور مؤثر في عملية إعادة الإعمار، بما يتماشى مع أهداف “رؤية 2030” لتعزيز نفوذ المملكة الاقتصادي في المنطقة.
تشير أرقام “UN COMTRADE” إلى تحسن في التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغت الصادرات السورية حوالي 24 مليون دولار، مقابل واردات سعودية بقيمة 32 مليون دولار في فبراير 2025. هذه الأرقام تعكس توجهًا لإعادة فتح القنوات الاقتصادية تدريجيًا.
تواجه هذه الشراكة تحديات مثل هشاشة البيئة القانونية، وغياب الضمانات لرؤوس الأموال، واستمرار التوترات الأمنية، خاصة في الجنوب السوري.
تعمل الحكومة الانتقالية، وفق وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار، على تهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين من خلال إصلاحات تشريعية وتوفير ضمانات قانونية، وإعادة هيكلة قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة.
أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح التزام المملكة بدعم الاستقرار الاقتصادي في سورية، وتوفير المناخ المناسب لتوسيع الاستثمارات الخليجية، معتبرًا أن الشراكة الاقتصادية مع دمشق تمثل فرصة استراتيجية للجانبين.