عقد مسؤولون سوريون وإسرائيليون اجتماعًا استمر أربع ساعات في باريس، برعاية المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، بهدف التوصل إلى تفاهمات أمنية بشأن منطقة جنوب سوريا.
أعلن براك في تغريدة على حسابه في منصة “إكس”، مساء أمس 24 تموز، عن لقائه بمسؤولين من سوريا وإسرائيل، موضحًا أن الهدف من الاجتماع هو “الحوار وتهدئة الأوضاع”، مؤكدًا تحقيق ذلك وتجديد جميع الأطراف التزامها بمواصلة هذه الجهود.
وذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي أن هذا الاجتماع، الذي توسطت فيه إدارة ترامب، يُعد أرفع مستوى من المشاركة الرسمية بين إسرائيل وسوريا منذ أكثر من 25 عامًا. كما أنه أول لقاء بين الطرفين منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في مدينة السويداء جنوب سوريا والغارات الإسرائيلية على دمشق التي تلتها.
ونقل “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين أن الاجتماع حضره من الجانب السوري وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ومن الجانب الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون للموقع بأن الهدف الرئيسي من القمة هو التوصل إلى تفاهمات أمنية حول جنوب سوريا، بهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا ومنع تكرار أزمات مماثلة لتلك التي شهدها الأسبوع الماضي.
تمهيد للتطبيع
يُعتبر هذا اللقاء أعلى مستوى من التواصل الرسمي بين الجانبين منذ أكثر من ربع قرن، وبالتحديد منذ الاجتماع الذي نظمه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 2000 في بلدة شيبردزتاون، والذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع.
وصرح مسؤول إسرائيلي رفيع لـ”أكسيوس” بأن تل أبيب تأمل في أن يسهم هذا الاجتماع في تعزيز استعداد سوريا للانخراط في خطوات دبلوماسية لاحقة، بالإضافة إلى التفاهمات الأمنية.
الاجتماع شبه العلني في باريس سبقته سلسلة من اللقاءات السرية خلال الأشهر الماضية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين، بعضها تم بوساطة تركية. وبعد سقوط نظام الأسد، فتحت إسرائيل قنوات تواصل مع الحكومة التركية التي دعمت السلطات السورية الجديدة، وشُكّل خط اتصال مباشر بين الجيشين التركي والإسرائيلي لتفادي الاشتباكات الجوية في سوريا.
وذكر المسؤولون لـ”أكسيوس” أن رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، اقترح على مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إشراك مسؤولين سوريين في هذه المحادثات. وبناءً على هذا الاقتراح، عقد هنغبي اجتماعات عدة مع الوزير الشيباني في العاصمة الأذربيجانية باكو.
ومع تزايد انخراط مبعوث ترامب خلال الأسابيع الأخيرة في مساعي التوصل إلى تفاهمات أمنية قد تمهد لتطبيع العلاقات، تقرر إشراك الوزير ديرمر في المحادثات، كونه المكلّف بالتواصل مع البيت الأبيض، بحسب “أكسيوس”.
الشرع في خطابين.. من مواجهة إسرائيل إلى ترسيخ دور الدولة
وأشارت مصادر إسرائيلية للموقع إلى أن الحكومة الإسرائيلية خلصت إلى ضرورة تقديم حوافز أمريكية لدفع دمشق نحو الانفتاح على مسار التطبيع، وقد أوكلت هذه المهمة إلى ديرمر.
وبعد أزمة السويداء الأخيرة، رأى باراك أن الظرف بات ملائمًا لعقد اجتماع ثلاثي، ضمّه إلى جانب ديرمر والشيباني.
ويؤكد مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون تحدثوا لـ”أكسيوس” أن لقاء باريس ليس سوى بداية، ويشددون على أهمية اتخاذ خطوات ملموسة لبناء الثقة بين الطرفين تمهيدًا لأي تقدم محتمل في المسار السياسي.
وفي 15 تموز الحالي، قصفت إسرائيل مجموعة من وزارة الدفاع التابعة للجيش السوري كانت في طريقها إلى مدينة السويداء لحل النزاع بين فصائل محلية في السويداء ومجموعة من قبائل البدو. وادعت إسرائيل أن الجيش السوري كان يشارك في هجمات ضد الطائفة الدرزية، وهو ما نفته الحكومة السورية.
وفي اليوم التالي، صعّدت إسرائيل الموقف بشن ضربات جوية على دمشق، شملت مناطق قرب القصر الرئاسي ومقر الأركان. وألقى مسؤولون الأمريكيون باللوم على “سوء التواصل” بين الحكومتين السورية والإسرائيلية.
وقد أثارت الغارات الإسرائيلية قلقًا كبيرًا لدى المسؤولين الأمريكيين، وزادت من مخاوفهم بشأن سياسات إسرائيل في المنطقة. وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، يوم الاثنين، أن الرئيس ترامب كان غير راضٍ عن الغارات الإسرائيلية في سوريا الأسبوع الماضي، واتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لـ”تصحيح الوضع”.