السبت, 26 يوليو 2025 10:08 AM

ألمانيا ترفع الفيتو عن تسليح تركيا بطائرات يوروفايتر: تحول استراتيجي في الأمن الأوروبي

ألمانيا ترفع الفيتو عن تسليح تركيا بطائرات يوروفايتر: تحول استراتيجي في الأمن الأوروبي

أعلنت ألمانيا رفع اعتراضها على صفقة تسليم طائرات "يوروفايتر" المقاتلة إلى تركيا، منهية بذلك فترة من الجمود الدبلوماسي والعسكري استمرت عامين بين البلدين. يصف مراقبون هذه الخطوة بأنها "نقطة تحول إستراتيجية"، لا تعكس فقط تغيراً في موقف برلين، بل تشير أيضاً إلى تحول أوسع في فلسفة الأمن الأوروبي، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا.

ترى صحف فرنسية ومراقبون أن هذا القرار يكشف عن تغليب البراغماتية الجيوسياسية على المبادئ الأخلاقية التي لطالما وجهت سياسات التصدير الدفاعي الألمانية.

وفي حديث لموقع "إرم نيوز"، أوضح الدكتور جيوم ديفان، الأستاذ الفخري وعالم السياسة في مركز شؤون الدفاع الأوروبي التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن هذا القرار "يمثل لحظة مفصلية في مسار السياسة الدفاعية الأوروبية". وأشار إلى أنه يكشف عن تغير جذري في مقاربة الاتحاد الأوروبي لمفاهيم الأمن والتحالفات والبراغماتية السياسية في عالم ما بعد الحرب في أوكرانيا.

أشار ديفان إلى أن ألمانيا تبنت، منذ نهاية الحرب الباردة، سياسة تصدير حذرة قائمة على ما يُعرف بـ "الدبلوماسية الأخلاقية"، رافضة بيع السلاح للدول ذات السجل السيئ في حقوق الإنسان أو المشاركة في النزاعات. غير أن الحرب الروسية في أوكرانيا، والتحولات الإقليمية المتسارعة، أدت إلى تآكل هذا النموذج الأخلاقي التقليدي.

على الرغم من الانتقادات الموجهة لسياسات أنقرة الداخلية، أكد ديفان أن تركيا تبقى عنصراً محورياً في هيكلية حلف شمال الأطلسي، وتمثل حجر زاوية في حماية الجناح الجنوبي الشرقي للحلف، لا سيما مع تصاعد التوترات مع روسيا، واضطرابات شرق المتوسط.

أضاف ديفان أن تسليح تركيا لا يُنظر إليه اليوم كدعم لنظامها السياسي، بل كاستثمار مباشر في أمن الناتو، وبالتالي أمن أوروبا. وأوضح أن القرار الألماني يعكس تحولاً جوهرياً في النظرة الأوروبية للدفاع، حيث لم تعد القيم وحدها كافية، بل بات الأمن الجماعي أولوية، وإن تطلب ذلك التعاون مع أنظمة تُوصف بالسلطوية.

يشير ديفان إلى أن أوروبا باتت أكثر وعياً بضرورة بناء سياسة دفاعية واقعية تستند إلى الوقائع الجيوسياسية وتحالفات فعالة، وليس إلى المثاليات فقط، مبيناً أن "تركيا، رغم التحفظات، لا يمكن استبعادها من معادلة الأمن الأوروبي".

في هذا السياق، لفت ديفان إلى أن القرار الألماني يحمل أيضاً رسالة مزدوجة: أولاً، أن الاتحاد الأوروبي بصدد العودة إلى الواقعية السياسية في سياساته الخارجية، وثانياً، أن هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة الصناعات الدفاعية الأوروبية لجعلها أكثر تكاملاً ومرونة في مواجهة التحديات العالمية المتغيرة.

وتابع: "هذه الخطوة تحمل كذلك رسالة غير مباشرة إلى واشنطن، مفادها أن أوروبا قادرة على اتخاذ قرارات إستراتيجية مستقلة داخل منظومة الناتو، حتى لو تعارضت مع المبادئ الأخلاقية التي طالما حكمت توجهاتها".

وصف ديفان المرحلة الحالية بأنها "مرحلة انتقالية" تشهد فيها أوروبا تحولاً من كونها "قوة مدنية" إلى "قوة جيوسياسية" قادرة على التوفيق بين القيم والمصالح.

وأكد أن "ما حصل ليس مجرد صفقة سلاح، بل هو إعادة تعريف لدور أوروبا في النظام الدولي، حيث أصبحت البراغماتية والأمن الجماعي حجر الزاوية في أي سياسة خارجية ناجحة".

بموجب الاتفاق الجديد، ستتسلم أنقرة 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر"، في خطوة اعتبرتها تركيا بداية "عهد جديد"، بحسب ما نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية، التي رأت أن القرار يمثل تحولاً بارزاً في السياسات الدفاعية الألمانية ويعيد برلين إلى نهج أكثر براغماتية في علاقاتها الدولية. (إرم نيوز)

مشاركة المقال: