الأحد, 27 يوليو 2025 03:32 PM

حلب: الأحياء الشرقية تعاني من غياب الخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء والصرف الصحي منذ عقد

حلب: الأحياء الشرقية تعاني من غياب الخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء والصرف الصحي منذ عقد

حلب – نورث برس

تعاني الأحياء الشرقية في مدينة حلب، والتي كانت في السابق حاضنة للثورة السورية، من تدهور كبير في البنية التحتية والخدمات الأساسية. ويعود هذا التدهور إلى سنوات طويلة من الإهمال والدمار الذي لحق بها خلال فترة الصراع بين عامي 2012 و 2016. وفي ظل غياب خطط التنمية بعد انتهاء حكم نظام الأسد وسقوطه نهاية عام 2024، تتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان.

بنية تحتية متهالكة

يقول نضال حسون (45 عاماً)، وهو من سكان حي الفردوس في حلب، لنورث برس، إن المشكلة الأكبر التي يواجهونها هي سوء حالة الصرف الصحي المتآكلة، مما أدى إلى تلوث الشوارع وانتشار الروائح الكريهة. وأضاف أنهم تقدموا بشكاوى عديدة إلى الجهات المعنية، لكن المعالجة كانت محدودة للغاية ولا تسهم في تحسين الوضع بشكل ملحوظ.

ويشير حسون إلى أن مياه الصرف الصحي تتسرب إلى المنازل وتخرج إلى الأرصفة، مما يسبب إزعاجاً كبيراً ويزيد من المخاطر الصحية. وأوضح أنهم يعتمدون على أنفسهم في صيانة وتنظيف محيط خطوط الصرف الصحي، مما يشكل عبئاً إضافياً عليهم. كما بين أن خدمات الكهرباء مفقودة في الحي منذ عام 2013، وأن تحسن المياه في الآونة الأخيرة لا يعوض النقص الحاد في الخدمات الأخرى ولا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية، مما يترك الكثيرين في دائرة الفقر والتدهور الاقتصادي.

وتعتبر الأحياء الشرقية من حلب، مثل الفردوس والصالحين وكرم حومد، مناطق عشوائية نشأت خارج المخططات التنظيمية الرسمية، مما جعلها عرضة للإهمال منذ عقود. وقد تفاقم وضعها بعد تعرضها لقصف مكثف بالطيران الحربي والبراميل المتفجرة أثناء سيطرة فصائل المعارضة ما بين 2012 و 2016. وإلى اليوم، لا تزال المنطقة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة وسط انتشار البطالة بين سكانها.

معاناة مستمرة

يقول محمد رحماني (50 عاماً)، وهو من سكان حي الصالحين في الجهة الشرقية للمدينة، لنورث برس، إن السكان في الحي يعيشون واقعاً صعباً بسبب انعدام الخدمات والمرافق والبنية التحتية. وأضاف أنه على الرغم من الجهود المحدودة التي يبذلها السكان لتحسين المستوى المعيشي، إلا أن المشاكل أصبحت مزمنة وتتعلق بالنظافة وإدارة النفايات وتأمين دفع أجور الأمبيرات.

ويشير رحماني إلى أن أول ما يلاحظ في الحي هو تراكم القمامة في الشوارع وانبعاث الروائح الكريهة، خاصة في فصل الصيف، وأن انتشار الحشرات والقوارض أصبح جزءاً من الحياة اليومية التي تهدد بانتشار الأمراض والأوبئة في ظل ظروف اقتصادية صعبة. ويذكر أن المعاناة الأساسية تظهر في نقص واضح في خدمات الكهرباء وانقطاعها قبل عام 2016، والصرف الصحي المتهالك الذي لم يتم إصلاحه بعد، مما يزيد من معاناة السكان وتكاليفهم الإضافية ويؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي المحلي.

ويوضح أن أغلب العمال في الحي هم من صناع الأحذية والخياطة، وهي مهن تشكل مصدر دخل ورزق للكثيرين منهم، ولكنها توقفت بسبب دخول المنتجات المستوردة التي غطت احتياجات السوق المحلي وأدت إلى توقف الورش وتعطيل الحرفيين عن العمل.

ويرى السكان أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأحياء الشرقية للمدينة يعكس أزمات متعددة تتطلب تدخلاً واعياً من الجهات المختصة لوضع حلول جذرية، أهمها توفير خدمات الكهرباء بشكل مستدام وتحسين النظافة بإدارة فعالة للنفايات، إضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والصناعات المحلية التي توفر فرص عمل للسكان، مع توفير برامج للتوعية الصحية ومكافحة الحشرات والقوارض التي تهدد صحة السكان.

الوضع المعيشي

يقول حومد حومد (40 عاماً)، وهو من سكان كرم حومد بحلب، لنورث برس، إن المنطقة كانت حاضنة للثورة وتعاني من خلل حاد في الخدمات الأساسية، فلا توجد كهرباء ولا نظافة عامة، والمنطقة مهمشة بشكل واضح من الجهات المسؤولة، مما أدى إلى انتشار الأوساخ والنفايات بشكل كبير.

ويرى أن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والنظافة هي من الركائز الأساسية التي تحدد جودة الحياة في أي مجتمع، مشيراً إلى أنه عندما تعاني منطقة ما من نقص في هذه الخدمات، فإن ذلك ينعكس سلباً على الوضع المعيشي للسكان ويزيد من معاناتهم اليومية. ويضيف حومد أن الوضع المعيشي شبه معدوم وفرص العمل متوقفة، والمنطقة تعاني من حالة بطالة مرتفعة تعيق تأمين لقمة العيش اليومي. وأشار إلى أنه أقدم على بيع مشغله الذي كان يستخدمه وبيعه كخردة حديد حتى يؤمن قوت يومه بعد فقد أي مردود حقيقي ملموس.

ويشير إلى أن الحصول على مصدر رزق أصبح معدوماً، وأن الكثير من العائلات انتهى بها المطاف إلى الاعتماد على الخبز فقط كغذاء أساسي في حياتها اليومية، قائلاً إن الوعود التي لا تنفذ تطغى وتعطي الشعور بالإحباط على حياة السكان في أي تحسن لأوضاعهم الاقتصادية.

ويذكر حومد أن الصعوبات كبيرة والسكان يحاولون من خلال مبادرة فردية أو جماعية الحفاظ على نظافة الحي والشوارع العامة والفرعية والصمود في وجه الإهمال والتجاهل الحاصل لمناطق كانت حاضنة للثورة السورية. كما يصف الوضع الصحي للأطفال من مخلفات النظافة بالمأساوي وأنهم أصبحوا يعانون من الأمراض بسبب الأوضاع المعيشية السيئة وانتشار الأوساخ وعدم توفر الخدمات الصحية الأساسية، مشدداً أن هذا الواقع الخطير يشكل تهديداً مباشراً ليس فقط لعائلاتهم ولكن أيضاً لمستقبل المنطقة بأكملها.

ويرى السكان أن الواقع المعيشي والخدمي في الأحياء الشرقية من حلب يعكس صورة واضحة عن الفجوة بين احتياجاتهم والاستجابات الرسمية.

إعداد: نور الدين عمر – تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: