أكد الباحث الاقتصادي عبد الرحمن تيشوري، خبير الإدارة والتنمية واستشاري التدريب والتطوير وخريج المعهد الوطني للإدارة، أن الإصلاح في سوريا يمثل مشكلة مزمنة منذ عهد النظام البائد. وأشار إلى أنه اطلع على مجريات الأمور في البيئة الحكومية خلال الـ 25 سنة الماضية، وأن الوقت قد حان للتحرك والإصلاح، وتحقيق التنمية، والشروع في العمل الجاد كواجب وطني قبل فوات الأوان.
وشدد على أن ذلك يتطلب توفير بيئة آمنة ومستقرة، وإعادة الشرطة، ومعالجة مشكلة العمالة، وتأمين قضاء عادل، وقوانين واضحة تحمي حقوق المستثمرين والجميع. بالإضافة إلى ذلك، دعا إلى الاستفادة من كوادر وخريجي المعهد الوطني للإدارة السابقين والحاليين، لما يمتلكونه من خبرات كبيرة.
غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة
أضاف تيشوري أن الحديث يكثر في الإعلام عن الانطلاقة الجديدة للاستثمار في سوريا، وتوقيع اتفاقيات عدة مع الإمارات والسعودية والأشقاء العرب، بما في ذلك اتفاقية تطوير مرفأ طرطوس مع موانىء الإمارات، معتبراً هذه الخطوة جبارة. ومع ذلك، لفت إلى غياب رؤية شاملة للاقتصاد السوري، وإلى أين يجب أن نصل بعد 5 أو 10 سنوات، مؤكداً أنه لن يتم تحقيق تنمية شاملة دون تخطيط إقليمي ووطني متكامل على مستوى سوريا.
باحث إداري واقتصادي: لن ننهض بالاستثمار وحده دون إصلاح شامل ومتكامل في سوريا الجديدة
وأشار إلى وجود ملفات يجب حسمها، خاصة فيما يتعلق بالقطاع العام، والقطاع الصناعي على وجه الخصوص. وأكد على ضرورة انطلاق عملية الإصلاح من تصور استراتيجي لدور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني بعد الثورة وسقوط منظومة الفساد السابقة. كما أكد على الحاجة إلى إنجاز باقي سلطات الدولة، مثل مجلس الشعب (السلطة التشريعية)، وتحقيق الإصلاح الإداري والقضائي حتى تكتمل السلطات الثلاث، وتسير عمليات الإصلاح إلى الأمام، وخاصة القضاء.
ضرورة منح تحفيزات
أكد تيشوري أن بناء سوريا الجديدة بحاجة للاستثمارات لتأمين البنية التحتية والاقتصادية بعد 15 سنة من الدمار. وأشار إلى أن بعض الخبراء يقدرون الحاجة إلى 1000 مليار دولار، منها 500 مليار دولار استثمارات لإنعاش الاقتصاد السوري. ودعا وزير الاقتصاد السوري إلى التركيز على أولوية احتياجات الاقتصاد السوري، لدعوة وتوجيه المستثمرين إليها، ومنح تحفيزات للمستثمرين تصب في الاتجاهات التي تحتاجها سوريا.
الموظفون والإدارات العامة
أكد تيشوري أن الدولة القوية تتطلب التطوير والأمن والاستقرار والعملة المستقرة ومستوى المعيشة المقبول لكل المواطنين. وشدد على أن قوة الدولة نابعة من قوة مواطنيها، ومن شعورهم بالمشاركة وتحملهم للمسؤولية، وإعادة الموظفين المفصولين لعملهم. كما دعا إلى النظر في موضوع مئات آلاف الموظفين من السوريين، وخاصة في المؤسسة الأمنية والعسكرية بلا رواتب، الذين تسرحوا بعد 2011-2012، وبشكل عادل دون انتقام.
ضرورة الإصلاح الإداري
أكد تيشوري أن موضوع الاستثمار يحتاج لإدارات كفوءة في القطاع العام، مع تخليص القطاع العام من الإدارات المتكلسة والفاسدة. وشدد على أن الوطن لا يمكن أن يبنى ولا يمكن أن يتطور في ظل هكذا إدارات.
تسهيل بيئة الاستثمار
يرى التيشوري أن الاستثمار يحتاج فعلياً لبيئة مناسبة، ويتطلب وقفة صدق مع النفس تؤكد الانتماء لهذا الوطن الجريح ولسوريا الجديدة التي تخلصت من منظومة فساد. وأعرب عن أمله في أن تنجح كثورة تدفع بالبلاد نحو الأمام، مع مشاركة الجميع في السلطة. وعليه، دعا إلى البدء بحوار وطني وقبول الاختلاف على قاعدة الانتماء لسوريا، والعمل على تمتين قاعدة الوطن الاقتصادية وأهم روافعه الاستثمار العربي والمحلي والخارجي، عبر تشريع الأبواب للاستثمارات كي تأتي إلى سوريا. وأكد أن هذا متاح، لكن يجب إقناع المستثمرين بوجود دولة قوية مستقرة وقضاء عادل وسريع وإعلام شفاف وسلطة تشريعية.