حلب-سانا: في ظل تفاقم أزمة مياه الشرب نتيجة موجة الجفاف غير المسبوقة والانقطاع المزمن للكهرباء، استضافت محافظة حلب مساء اليوم ورشة عمل موسعة تحت عنوان "واقع وتحديات مياه الشرب والحلول اللازمة" في القصر البلدي. حضر الورشة ممثلون عن وزارة الطاقة، المؤسسة العامة لمياه الشرب، منظمات دولية، وخبراء محليون ودوليون.
شبكات مهترئة وإرث ثقيل… الواقع تحت المجهر
المهندس طاهر العمر، ممثل وزارة الطاقة، كشف عن التدهور الكبير في البنية التحتية المائية، مشيراً إلى فقدان 90% من كفاءتها، كما هو الحال في نبع الفيجة. وأوضح أن محطات الضخ تعاني من التآكل وسوء الربط بين الشبكات، وسط غياب الرقابة وتزايد التعديات، مما فاقم الهدر المائي في ظل تغيرات مناخية متسارعة.
بين المعاناة والإنجاز… جهود جبارة رغم الصعاب
الدكتور بركات اليوسف، معاون المحافظ، أكد أن الورشة تهدف إلى تشخيص الواقع منذ التحرير حتى اليوم، مشيداً بالجهود المحلية والدولية المبذولة لحماية حق المواطنين في الحصول على المياه. من جانبه، استعرض المهندس جمال ديبان، مدير المؤسسة، جهود إعادة تشغيل محطات إستراتيجية مثل باب النيرب وسليمان الحلبي، بالإضافة إلى اتفاقيات الدعم المبرمة مع اليونيسف ومنظمة GVC لترميم الشبكات وتأهيل المحطات.
تحديات حرجة… نقص الكوادر وتقادم المعدات
تم رصد أبرز العقبات التي تعيق إيجاد حلول للأزمة، ومن بينها تهالك محطة البابيري، وهي الأكبر في المدينة، وتراجع عدد الكوادر العاملة من 4000 إلى 1300 موظف. كما أظهر الجفاف تأثيرًا حادًا على مصادر المياه، حيث انخفض منسوبها بنسبة 70%، في وقت تشهد فيه المدينة توسعًا سكانيًا متزايدًا.
رؤى مستقبلية… من العدادات الذكية إلى الخط الخامس
اقترح الخبراء تنفيذ مشاريع إستراتيجية لإنشاء خط خامس لنقل المياه، وتركيب عدادات مسبقة الدفع بهدف ترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى دعم فرق الرقابة لمكافحة التعديات وضمان سلامة التوزيع.
صوت الأحياء… مطالب وشكاوى مزمنة
ناقش المسؤولون الشكاوى المقدمة من مخاتير أحياء حلب وريفها، والذين شددوا على ضرورة تسريع إصلاح الشبكات القديمة وتأمين المياه في المناطق المحرومة، التي لم تصلها المياه منذ أكثر من 12 عامًا.
اختتمت الورشة بتقديم توصيات محورية، أبرزها تكثيف التعاون مع المنظمات الدولية، واعتبار مشاريع المياه أولوية قصوى ضمن خطط إعادة الإعمار، وإطلاق حملات توعية لترشيد الاستهلاك.
تواجه مدينة حلب أزمة مياه متفاقمة منذ سنوات، نتيجة تراجع الموارد الطبيعية وتأثيرات التغير المناخي. ويعاني السكان من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، مما يضاعف التحديات الصحية والاجتماعية. تهدف ورشات العمل الأخيرة إلى دراسة الحلول المستدامة وتعزيز التعاون بين الجهات المحلية والدولية.