الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 04:04 PM

محاضرة في المكتبة الوطنية بدمشق تستكشف آفاق الفن الإسلامي وتفاعله الحضاري

محاضرة في المكتبة الوطنية بدمشق تستكشف آفاق الفن الإسلامي وتفاعله الحضاري

استضافت المكتبة الوطنية بدمشق محاضرة للدكتورة هلا قصقص، الباحثة المتخصصة، تناولت مفهوم الفن الإسلامي وأبعاده الحضارية. وأكدت الدكتورة قصقص، في المحاضرة التي أقامتها وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسة "هذه حياتي"، أن الفن الإسلامي ليس مجرد فن ديني، بل هو نتاج تفاعل حضارات متعددة استلهمت من القيم الإسلامية.

ركزت المحاضرة على أهمية دراسة الفن الإسلامي في سياقه الثقافي والمعرفي، مع تجاوز النظرة التقليدية التي تفصل بين الفن الرفيع والفن الوظيفي. وأشارت الدكتورة قصقص، في محاضرتها التي حملت عنوان "كيف ننظر إلى الفن الإسلامي.. مقاربة نقدية تتجاوز الفن الغربي"، إلى أن الفن الإسلامي يكتسب معناه من خلال تفاعل المتلقي معه، حيث تلعب الزخرفة والخط وتصميم القباب دوراً في تشكيل هذا المعنى، بالاعتماد على الخلفية الثقافية والدينية للمتأمل.

كما استعرضت المحاضرة الفروق بين الفن الإسلامي والفن الغربي، موضحة أن الفن الغربي يركز على الجسد والفرد والتشخيص، بينما يولي الفن الإسلامي اهتماماً أكبر بالتجريد والتكرار والتناظر، كأدوات رمزية تعبر عن التوحيد والأزلية. وتناولت الدكتورة قصقص مكانة الخط العربي كعنصر أساسي في الفن الإسلامي، مشيرة إلى أنه لا يقتصر على الكتابة، بل يستخدم كأداة بصرية غنية بالإيقاع والتناغم والرمزية. وعرضت نماذج من المصاحف والمخطوطات التي تجمع بين الحروف والزخرفة والنص لتكوين وحدة فنية متكاملة تعكس الروح الإسلامية.

وأشارت قصقص إلى العلاقة الوثيقة بين الفن والعلم في الحضارة الإسلامية، حيث بُنيت الزخارف والقباب والمشكاوات وفق معادلات هندسية دقيقة تعكس فهماً عميقاً للرياضيات والبصريات. وأكدت أن الجمال في الفن الإسلامي ليس مجرد عنصر زخرفي، بل هو تجسيد مرئي للمعرفة، يتجلى في طريقة توزيع الضوء والصوت داخل المساجد، وفي إحساس المصلين بالسكينة والتوازن الكوني.

كما أكدت المحاضرة أن الفن الإسلامي لم يقتصر على القصور والأماكن المقدسة، بل كان جزءاً من الحياة اليومية في الأسواق والبيوت والمدارس والأضرحة. وساهمت مؤسسات كالأوقاف والمدارس والورش الحرفية في رعاية هذا الفن وتطويره، ليصبح امتداداً طبيعياً للهوية الاجتماعية.

ومن النقاط الهامة التي تناولتها المحاضرة مسألة نسبة الإبداع في الفن الإسلامي، حيث أوضحت الدكتورة قصقص أن الفن الإسلامي لا يُنسب غالباً إلى فنان واحد، بل إلى الورشة أو الراعي أو المؤسسة، مما يعكس فهماً مختلفاً للإبداع بوصفه نسقاً جماعياً يتجلى فيه اسم الخالق. وقدّمت المحاضِرة نماذج من التنوع الجغرافي داخل الفن الإسلامي من الأندلس والمغرب العربي، إلى الهند وتركيا، مشيرة إلى أن كل منطقة أضافت طابعاً محلياً للفن دون أن تنفصل عن الإطار الجمالي الإسلامي العام.

وفي ختام المحاضرة، شدّدت الدكتورة قصقص على ضرورة إعادة النظر في مناهج دراسة الفن الإسلامي، داعية إلى الابتعاد عن التصنيفات الغربية الضيقة التي تفصل بين الفنون الجميلة والفنون الزخرفية. وأكدت أن فهم هذا الفن يتطلب مقاربة متعددة التخصصات تشمل تاريخ الفن، العمارة، الفلسفة، الأنثروبولوجيا، والتاريخ الاجتماعي.

وتحدّث يزن النوري، مسؤول قسم الدورات في مؤسسة هذه حياتي، عن أهمية المحاضرة في تعزيز الوعي الفني والثقافي لدى الشباب السوري، مشيراً إلى أن المؤسسة التي تأسست في الأردن عام 2010 تعمل حالياً في دمشق على نشر ثقافة الانتماء والهوية والوعي الحضاري، بالتعاون مع وزارة الثقافة، وتعريف الناشئة بأن الفن الإسلامي حضارة وهوية وتاريخ حيّ يجب الاعتناء به. حضر المحاضرة عدد من المثقفين والمهتمين بالفنون البصرية والتراث الإسلامي. يشار إلى أن الدكتورة هلا قصقص باحثة ومحاضِرة في تاريخ الفن الإسلامي، وعضو فريق مشروع تطوير الهوية البصرية السورية.

مشاركة المقال: