اللاذقية-سانا: تشهد قرى جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي انتعاشاً تدريجياً في القطاع الزراعي، وذلك مع تزايد عودة الأهالي إلى قراهم بعد سنوات من النزوح. يمثل هذا المشهد إصراراً على الحياة والتغلب على الصعوبات التي خلفتها الحرب، بما في ذلك الدمار الذي لحق بالبنى التحتية ونقص الدعم الفني والخدمات الأساسية.
زراعة في وجه الصعاب
أشار المزارع محمد علي مدنية إلى التحسن الملحوظ في المنطقة، مؤكداً على الجهود الكبيرة التي يبذلها الأهالي لاستصلاح أراضيهم على الرغم من ندرة المياه. وأوضح أنه يتم نقل المياه من وادي الأزرق في منطقة سلمى عبر صهاريج خاصة لغياب شبكات الري، بالإضافة إلى تدهور الطرق الزراعية الذي يعيق الوصول ويرفع تكاليف الإنتاج.
تفاؤل يسبق الحصاد
أكد زياد أندرون، عضو مجلس أعيان جبل الأكراد، على تسارع وتيرة العودة إلى القرى، مشيداً بروح التفاؤل التي يتحلى بها السكان رغم الدمار الذي طال آلاف الأشجار المثمرة نتيجة القطع والحرائق. كما شدد على أهمية دعم القطاع الزراعي من خلال إعادة تأهيل الطرق وتوفير المعدات الأساسية لضمان استدامة الإنتاج.
عزيمة لا تلين
من قرية طعوما، لفت المزارع دحام نديم حاج بكري إلى استمرار أعمال تسوية الأراضي باستخدام الآليات الثقيلة، بعد أن تضررت بفعل القصف. وأكد إيهاب حاج بكري أن حجم الأراضي البور غير مسبوق، إلا أن عزيمة الأهالي لم تتزعزع، وهم مستمرون في إعادة زراعتها بمحاصيلهم التقليدية كالتفاح والزيتون والخوخ، التي لطالما كانت أساس الاقتصاد في جبل الأكراد.
بعد سنوات من الغياب، تعود الحياة تدريجياً إلى قرى جبل الأكراد، مدفوعة بإصرار سكانها الذين لم يفقدوا شغفهم بالزراعة. فالأرض التي احترقت يوماً تُروى اليوم بعرق أصحابها، في مشهد يعكس صمود الإنسان في وجه الدمار. وبين أنقاض الماضي، تنبت أشجار التفاح والزيتون كرمز للأمل المتجدد في الريف السوري.