تلقت عائلة الطبيب الفلسطيني السوري "هايل قاسم حميد" نبأ استشهاده المؤلم، بعد مرور أكثر من 13 عامًا على اعتقاله القسري على يد الأجهزة الأمنية السورية. وقد تسلمت العائلة وثيقة رسمية تؤكد وفاته، لتضع حدًا لمعاناة طويلة من الغياب القسري والإخفاء.
وفي منشور مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، كتبت "حنان هايل"، ابنة الدكتور "هايل حميد": "بعد 13 سنة غياب وانتظار ووجع.. الله يرحمك يا بابا.. عزائي الوحيد أنك عند رب كريم لا يظلم عنده أحد".
يذكر أن حميد، المولود في قرية دلاتا قرب صفد عام 1948، كان طبيبًا متميزًا وجراحًا استشاريًا ذا سمعة طيبة. عمل في عدة مشافي في بريطانيا وسوريا، وشغل منصب رئيس قسم الجراحة العامة في مشفى الأسد الجامعي، بالإضافة إلى كونه أستاذًا في كلية الطب البشري بجامعة دمشق.
وعلى الرغم من مكانته العلمية والمهنية الرفيعة، إلا أن ذلك لم يحمه من قبضة الأجهزة الأمنية، حيث اعتقل من عيادته في مخيم اليرموك في 13 آب/أغسطس 2012، بتهمة "معالجة الجرحى"، وهي التهمة التي طالت العديد من الأطباء والنشطاء خلال سنوات النزاع.
وبحسب شهادة أحد زملائه، لم يكن حميد يخفي استياءه من قمع المتظاهرين، وكان يعبر عن ذلك بهدوء في استراحات العمليات، قبل أن يتم استدعاؤه للتحقيق وتخييره بين الصمت أو التعرض للملاحقة. وبعد أسابيع من مغادرة أحد زملائه البلاد، علم أن الطبيب قد اختُطف من عيادته من قبل مجموعات تابعة للأمن.
وعلى الرغم من مرور سنوات من المطالبة بالكشف عن مصيره، ظلت عائلته تنتظر أي خبر يؤكد أنه لا يزال على قيد الحياة، خاصة أنه كان يعاني من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم. إلا أن الوثيقة الرسمية الصادرة عن مشفى حرستا العسكري بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2015، والتي ورد فيها اسمه ضمن قائمة المتوفين، أنهت أي أمل متبق.
ووفقًا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، لا يزال النظام يعتقل أكثر من 1797 فلسطينيًا في سجونه، في حين تم توثيق وفاة 620 معتقلاً تحت التعذيب حتى آب الماضي، وسط تكتم شديد على مصير المعتقلين وظروف احتجازهم.
وتعد قصة الطبيب هايل حميد مجرد مثال واحد من بين آلاف القصص التي تجسد معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين نيران النزاع والحرمان من العدالة والإفلات من العقاب.
فارس الرفاعي - زمان الوصل