الإثنين, 11 أغسطس 2025 04:47 PM

صناعيو حلب يضعون مشاكلهم على طاولة غرفة الصناعة: الكهرباء والجمارك والمنافسة غير العادلة تتصدر

صناعيو حلب يضعون مشاكلهم على طاولة غرفة الصناعة: الكهرباء والجمارك والمنافسة غير العادلة تتصدر

انتقد صناعيون في حلب النقص الحاد في ساعات وصل التيار الكهربائي وارتفاع تكلفة الاشتراكات الخاصة، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي يرونها عبئًا ثقيلاً عليهم. وخلال الاجتماع السنوي للهيئة العامة لغرفة صناعة حلب الذي عقد في 10 آب، طالب الصناعيون الحكومة باتخاذ خطوات عاجلة لحماية المنشآت الإنتاجية من التوقف.

وشدد المشاركون على أهمية إعادة النظر في السياسات الجمركية للحد من دخول البضائع المنافسة ذات الجودة المتدنية، ودعم المنتجات المحلية لتوفير فرص العمل والحفاظ على استمرارية المصانع.

تشوهات جمركية

تحدث الصناعي عبد المنعم ريحاوي، العامل في قطاع الأقمشة، عن المشكلات التي تواجه الصناعيين، وعلى رأسها "التشوهات الجمركية الكبيرة" وارتفاع أسعار الطاقة. وأكد على ضرورة حماية علامة "صنع في سوريا" لتمكين المصانع من التطور والمنافسة في السوق العالمية. ووصف ريحاوي مخرجات الاجتماعات الرسمية بأنها مجرد "دراسات وبيروقراطية وورقيات" لا تنعكس على أرض الواقع. وأشار إلى المطالبات المتكررة بمنع استيراد الألبسة والأحذية، نظرًا لما يوفره هذا القطاع من فرص عمل كبيرة، محذرًا من أن انهيار القطاع سيؤدي إلى بطالة واسعة وتأثيرات سلبية على الدورة الاقتصادية، مؤكدًا أنه "لا يوجد بلد لا يحمي صناعته". وأضاف أن القطاع التجاري يعمل بأريحية أكبر، بينما تواجه الصناعة المحلية منافسة غير عادلة من المنتجات التركية والصينية منخفضة الجودة، منتقدًا السماح باستيراد الأقمشة الأجنبية رغم توفر المنتج المحلي، موضحًا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج محليًا يجعل المنافسة صعبة، واصفًا قطاعي النسيج والألبسة في حلب بأنهما "مدمران".

كما طرح الحضور مشكلات تعاني منها قطاعات صناعية عدة، من أبرزها تراجع صناعة النسيج والألبسة، والأضرار التي لحقت بصناعة الجلود، مؤكدين أهمية حمايتها من المنافسة غير العادلة في السوق. وأشار عدد من الصناعيين إلى أن وعود المسؤولين بحماية الصناعة في حلب تبقى حاضرة في التصريحات الرسمية فقط، دون أن تنعكس على أرض الواقع، معتبرين أن استمرار الشكاوى من مختلف القطاعات في المدينة دليل على غياب التنفيذ الفعلي لهذه الوعود.

كهرباء غير كافية

وفي مداخلة له، أشار رئيس لجنة "العرقوب" الصناعية، تيسير دركلت، إلى أن ساعات التغذية الكهربائية في المناطق الصناعية لا تتجاوز عشر ساعات يوميًا، وهو ما اعتبره غير كاف لاستمرار الإنتاج. ولفت إلى أن أسعار الطاقة مرتفعة مقارنة بدول الجوار أو حتى بمناطق أخرى داخل سوريا مثل الراعي وإدلب، داعيًا إلى توحيد التسعيرة على الحد الأدنى، وعدم رفع الأسعار في حلب بينما تقدم أسعار أقل في مناطق أخرى. كما حذر من منح إجازات استيراد لسلع رديئة الصنع تسوق تحت أسماء علامات أجنبية، معتبرًا أنها تنافس المنتج المحلي بشكل غير عادل، معربًا عن آماله بقصر الاستيراد على العلامات التجارية المعروفة ذات الجودة العالية. وتطرق إلى وضع البنية التحتية في المناطق الصناعية، واصفًا النظافة والإنارة وحالة الطرق بأنها "مزرية" بسبب غياب دور البلديات، مطالبًا بتركيب كاميرات مراقبة في هذه المناطق التي تعد مستهدفة من قبل السرقات، وتعزيز دور الشرطة في حمايتها، مشيرًا إلى أن لجان هذه المناطق اضطرت لتعيين حرس خاص على نفقتها لسد النقص الأمني، رغم أن ذلك ليس من مسؤولياتها.

موت صناعة الأحذية

أما رئيس لجنة الأحذية والجلديات، دحام الحسين، فشبه واقع هذه الصناعة في حلب بأنها "خرجت من قسم الإنعاش وهي الآن في طريقها إلى المقبرة"، مرجعًا سبب ذلك إلى تفشي ظاهرة التهريب، خاصة من المناطق الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد). وأوضح الحسين أن المشكلة الكبرى تكمن في دخول أحذية منخفضة الجودة تباع بأسعار لا تتجاوز دولارًا واحدًا، ما يؤدي إلى إغلاق المصانع المحلية ويقتل القدرة التنافسية. وبحسب الحسين، فإنه لا يمانع دخول منتجات أجنبية متوسطة أو عالية الجودة بشرط أن ترفع من مستوى المنافسة. وأشار إلى أن أكثر من 1800 ورشة في حلب توقفت عن العمل، في حين كانت المدينة في السنوات السابقة تصدر نحو 60 مليون زوج من الأحذية إلى العراق، وكانت تحقق إثر ذلك قيمة مضافة بلغت نحو 60 مليون دولار لخزينة الدولة من ورش صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، داعيًا إلى ضرورة ضبط التهريب بشكل حازم، وفرض حماية حقيقية للمنتج الوطني، موضحًا أن صناعة الأحذية في دول الجوار تحظى بدعم وحماية، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي قد يدفع العاملين في القطاع إلى ترك مهنتهم خلال أسابيع.

منطقة منسية

من جانبه، وصف رئيس لجنة منطقة الشيخ نجار الصناعية القديمة، ظافر كبة، المنطقة بأنها "منسية"، وقال إن التغذية الكهربائية فيها لا تتجاوز ثماني ساعات يوميًا، ما يعيق استمرار الإنتاج. وأضاف أن الطريق المؤدي إلى المنطقة تحول إلى مكب لأنقاض مدينة حلب، دون وجود أي إجراءات للردع أو تنظيم. وأشار كبة إلى أن المنطقة الصناعية لا تضم سوى محولتين صغيرتين للكهرباء، رغم وجود نحو مئة معمل كبير الحجم فيها، مطالبًا بتأمين محولة إضافية بشكل عاجل لتلبية احتياجات المصانع وضمان استمرارية العمل.

وفي رده على جملة المشاكل المطروحة، أكد معاون محافظ حلب لشؤون الصناعة، علاء حمادين، أن الجهات المعنية في المدينة تتواصل منذ أربعة أشهر بخصوص أزمة الكهرباء في المناطق الصناعية. ووفقًا لحمادين، فإن المشكلة تنقسم إلى جزئين، الأول ارتفاع سعر الكهرباء الذي يعتبر غير منافس مقارنة بأسعار الطاقة العالمية، وهو وضع غير متوفر في سوريا. وأشار حمادين إلى أن المشكلة الثانية هي كمية الكهرباء المتوفرة، مبينًا أن الموضوع تجاوز حد الجهات المختصة ووصل إلى تدخل مباشر من الرئاسة، حيث تم التعهد بأن لا يتجاوز سعر الكهرباء الصناعية 15 سنتًا مع توفير كميات مناسبة.

جهد رئاسي

وأضاف معاون محافظ حلب لشؤون الصناعة أن هذا الإنجاز جاء بعد جهد كبير من الرئاسة لتوفير الغاز وصيانة المحطات والأنابيب، متوقعًا تطبيق القرار بحلول نهاية الشهر الثامن. الصناعة في حلب تواجه ثلاث مشاكل رئيسية، بحسب المعاون، هي الكهرباء، حماية المنتج المحلي، ووضع التهريب. وأوضح أن المحافظة بدأت بالخطوة الأولى وهي حل أزمة الكهرباء، معربًا عن أمله في التقدم قريبًا بخصوص التعرفة الجمركية. أما المشكلة في التعرفة الجمركية فتنقسم إلى انخفاض معدلات بعض الرسوم وعدم تطبيقها على الأرض، بحسب المعاون، الذي أشار إلى أن كثيرًا من البنود الجمركية موجودة لكنها غير مطبقة بشكل فعلي. وذكر أن هناك مقترحًا عرض على وزير الاقتصاد لتطبيق هذه البنود قبل التفكير في رفعها. وأوضح أن المرحلة القادمة بعد تثبيت أسعار الكهرباء وتطبيق التعرفة الجمركية ستكون التركيز على حماية المنتج المحلي. وأكد أن غرفة صناعة حلب ستلعب دورًا مركزيًا في هذه المرحلة.

مشاركة المقال: