أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بوضوح أنه في «مهمة تاريخية وروحية مرتبطة بإسرائيل الكبرى». هذا التصريح، لغوياً وسياسياً وعسكرياً ودينياً، يعكس موقفاً ليس بجديد عليه، إذ سبق أن أعلنه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023، مصحوباً بخرائط توضح أهدافه. وكرر الأمر نفسه في العام الماضي أمام الأمم المتحدة، لكن هذه المرة يؤكد بشكل مباشر أن مهمته «إلهية» لتحقيق هذا الهدف.
بالنظر إلى الوضع العربي والنظام الرسمي العربي منذ عام 1948، وخاصة بعد موجات «الربيع العربي» وتداعيات طو.فا.ن الأ.ق.صى والتغيير الجيوسياسي في سورية، يحق لنتنياهو أن يعلن ما أعلنه. فإنجاز مهمته وأحلامه يعود ليس فقط لقوة إسرائيل ومن يساندها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بل أيضاً لحالة الضعف والهوان واستلاب الإرادة لدى العرب.
على الرغم من وضوح أهداف نتنياهو، كانت مواقف العرب شبه معدومة. فمصر طلبت توضيحات، والأردن أكدت رفضها للتصريحات «التحريضية» ووصفتها بأنها «تصعيد استفزازي خطير وتهديد لسيادة الدول ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة»، مشددة على أن هذه الأوهام «العبثية» لن تنال من الأردن والدول العربية ولا تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأشار الموقف الأردني إلى أن هذه التصريحات والممارسات تعكس الوضع المأزوم للحكومة الإسرائيلية وتتزامن مع عزلتها دولياً.
قطر أدانت واستنكرت تصريحات نتنياهو واعتبرتها «امتداداً لنهج الاحتلال القائم على الغطرسة وتأجيج الأزمات والصراعات والتعدي السافر على سيادة الدول والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وذكر بيان الخارجية القطرية بأن «الادعاءات الإسرائيلية الزائفة والتصريحات التحريضية لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية».
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، ناب عن بقية دول الخليج، معتبراً تصريحات نتنياهو «انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». أما الجامعة العربية وأمينها العام (أبو الغيط) فلم تعتبر القصة تستحق حتى مجرد بيان، وهو موقف بقية الدول العربية.
تشير الدلائل إلى أن نتنياهو ماض في تحقيق هدفه وحلمه، وبات نظرياً في متناول يديه، ولا يقف أمامه سوى تهيئة الظروف الداخلية والخارجية لتحقيق ما قاله على أرض الواقع. والأغرب أن نتنياهو يعلن مواقفه في وقت يعيش فيه كيانه أوضح حالات ضعفه وهشاشته منذ قيامه، وفي وقت كانت فيه إسرائيل على وشك الانهيار بعد طو.فا.ن الأ.ق.صى وتداعياته، ولا تزال في حالة تشبه بناء ضربه زلزال عنيف، وأصبح آيلاً للسقوط بضربة واحدة، لكن لا يوجد من يقوم بهذه الضربة.
بعد كل هذا البؤس والخراب والطاقات السلبية وحالة الإحباط التي تتحكم بالنفسية العربية، هناك أمل كبير، ولهذا حديث آخر.
(أخبار سوريا الوطن2-الكاتب)