في ذكرى رحيله، كيف يمكن أن ننسى قامة مثل حنا مينه، كاتب الفرح والكفاح الإنساني؟ كيف ننسى من نذر نفسه لإنقاذ الآخرين من براثن الخوف والمرض والجوع والذل؟ كيف ننسى من رأى أن وعي الوجود هو الخطوة الأولى في المسيرة الكبرى نحو الغد الأفضل والتخلص من حمأة الجهل؟
لن ننسى حنا مينه الذي كان يرى البحر مصدر إلهامه، حيث جاءت أعماله مبللة بمياه موجه الصاخب. فمعظم رواياته الأربعين كانت تدور حول البحر وأهله، وهذا دلالة واضحة على تأثره بحياة البحارة أثناء حياته في اللاذقية.
لن يغيب عن الذاكرة من كان يرى أن مهنة الكاتب ليست سواراً من ذهب، بل هي أقرب طريق إلى التعاسة الكاملة. لن ننسى من كان يرى أن لحمه سمك البحر، ودمه ماؤه المالح، وأن صراعه مع القروش كان صراع حياة. أما العواصف فقد نقشت وشماً على جلده.
لن ننسى كلماته: "إذا نادوا: يا بحر، أجبت: أنا البحر، فيه ولدت وفيه أرغب أن أموت… تعرفون معنى أن يكون المرء بحاراً…؟"
رحم الله حنا مينه، الكاتب العظيم. العزاء للكلمة والإبداع والكتّاب الذين فقدوا رائداً ومعلماً قلّما جاد زمننا العربي بندّ له أو بنظير.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)