الأحد, 24 أغسطس 2025 06:46 PM

معرض دمشق الدولي: ملتقى الإبداع الثقافي والفني عبر دوراته المتعاقبة

معرض دمشق الدولي: ملتقى الإبداع الثقافي والفني عبر دوراته المتعاقبة

منذ انطلاقته في الأول من أيلول عام 1954، تجاوز معرض دمشق الدولي كونه حدثاً تجارياً واقتصادياً ليصبح تظاهرة ثقافية وفنية تعكس الهوية الحضارية لسوريا ودورها كجسر بين الشرق والغرب. يشكل المعرض منصة تلتقي فيها مختلف الفنون والآداب لتكوين صورة وطنية متكاملة، مما جعل دمشق مركزاً ثقافياً متجدداً.

عمالقة الطرب والأنغام

شهد مسرح المعرض ليالي لا تُنسى مع كبار الفنانين مثل سيدة الغناء العربي أم كلثوم في عامي 1957 و 1958، وحفلات العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، خاصة حفلة عام 1976. كما استضاف المعرض نجاة الصغيرة، وردة الجزائرية، وديع الصافي، ونجاح سلام وغيرهم من عمالقة الطرب.

بدأت رحلة السيدة فيروز في المعرض منذ الدورة السادسة عام 1959، ولها ألبوم كامل بعنوان "شآميات" يضم قصائد غنتها لدمشق خلال حفلات المعرض، مثل "مر بي"، "يا شام عاد الصيف"، و"سائليني يا شآم". كان حضور الأخوين رحباني والفرقة الشعبية اللبنانية مع فيروز حدثاً فنياً بارزاً، حيث قُدمت على مسرح المعرض مسرحيات عاصي ومنصور بدءاً من "بياع الخواتم" وانتهاءً بـ "بيترا". كما شهد المعرض في بداياتهم ظهور مطربين لبنانيين قدموا أجمل الأغاني.

الموسيقا العالمية

عززت مشاركة الفرق الموسيقية العالمية مكانة المعرض الثقافية، حيث ساهمت في إبراز التراث والتنوع الفني والإبداعي في سوريا والعالم. وشملت الفعاليات عروضاً فنية متنوعة، بدءاً من عرض أوبرا عايدة، الذي كان أول عرض فني في تاريخ المعرض عام 1954. كما شاركت فرق مثل الفرقة اليوغسلافية للرقص الشعبي، فرقة إنانا للمسرح الراقص وأوركسترا أورنينا السوريتان، فرقة المنوعات البلغارية، فرقة باليه بولشوي، الفرقة الهندية للفنون الشعبية والبالغين وبينها السيرك الملكي الهندي، فرق رقص وفنون شعبية صينية وسوفيتية، أوركسترا القاهرة السيمفونية، أوركسترا بتسبورغ الأمريكية، وأوركسترا فيينا السيمفونية وغيرها.

الفن التشكيلي ومعرض دمشق الدولي

منذ دورته الأولى عام 1954، كان المعرض منصة للحركة التشكيلية السورية، حيث كُلف كبار الفنانين بتصميم الأجنحة، ليصبح الجناح السوري متحفاً مفتوحاً للفن الوطني. شارك فنانون مثل فريد زنبركجي، خالد معاذ، سعيد النابلسي، ووهبي الحريري في تصميم المعرض وأجنحته، بالإضافة إلى النحات فتحي محمد، الذي أنجز أربع لوحات نحتية تمثل ركائز الاقتصاد الوطني. وتوالت بعدها أسماء مثل رشاد قصيباتي، زهير صبان، جورج خوري، وسعيد مخلوف، الذين قدموا منحوتات فريدة زينت واجهات المعرض ونوافيره.

تحولت الجداريات إلى رواية بصرية للمجتمع السوري، ومن أبرزها جدارية محمود حماد عن فلسطين، وجدارية مجيد جمول النحاسية، وأعمال عبد المنان شما، وممدوح قشلان، وغازي الخالدي، وصولاً إلى فاتح المدرّس الذي زينت لوحته قاعة رجال الأعمال عام 1979. كما اعتُمد ملصق سنوي يحمل شعار المعرض المثلثي (الصناعة، الزراعة، التجارة)، مع إضافات إبداعية تختلف كل عام.

المعرض يحتفي بالشعراء

كان للشعراء مشاركة رمزية في المعرض، حيث شارك سليمان العيسى في أمسيات شعرية في الستينيات، وحضر شعراء عرب من مصر ولبنان والعراق مثل أحمد عبد المعطي حجازي، معين بسيسو، محمد الفيتوري، وعبد الرزاق عبد الواحد.

السينما والمعرض

في الدورة الأولى للمعرض، استُخدمت تقنية عرض متقدمة تُعرف باسم "السينراما"، وجُلبت إلى سوريا للمرة الأولى، وشاهدها أكثر من 100 ألف شخص. في عام 1956، شهد المعرض أول مهرجان سينمائي رسمي في سوريا والعالم العربي، وشاركت فيه أفلام من نحو 13 دولة، وتَضمنت فعالياته عروضاً سينمائية ولقاءات مستمرة على مدى أسبوعين. وكانت المؤسسة العامة للسينما تعرض دورياً أحداث إصداراتها ضمن سينما الهواء الطلق.

الكلمة تُجدّد موعدها مع الحياة

تترقب الساحة الثقافية الدورة الأولى للمعرض بعد التحرير، في ال ٢٧ من آب الجاري، لتواصل الكلمة ثورتها في إعادة الإعمار الفكري بعد أن شاركت في ثورة الحرية عام ٢٠١١.

مشاركة المقال: