الإثنين, 1 سبتمبر 2025 10:53 PM

العدل أساس الملك: كيف يقوّض الظلم المجتمعات والدول؟

العدل أساس الملك: كيف يقوّض الظلم المجتمعات والدول؟

إنّ مصادرة الأملاك الخاصة والاستيلاء عليها، وأخذ الموارد، وإخلاء المنازل وتهجير السكان دون سند قضائي عادل، يُعدّ ترسيخاً للظلم وتقويضاً للعدل، ممّا ينعكس بشكل خطير على المجتمع والدولة، ويؤدي إلى الخراب. هذا يتنافى مع القاعدة الشهيرة "العدل أساس الملك".

العدل هو أحد أهم مقومات بناء الأوطان وإقامة الدول وعدم سقوط الممالك وهلاك الديار. فـ"العدل أساس الملك"، وبه قامت السموات والأرض. هذه قاعدة ثابتة لدى الساسة والعامة، مدعومة بالواقع والتاريخ، وهي سنة كونية لا تفرق بين دولة مسلمة أو كافرة.

الإسلام دين العدل، والعدل والعدالة في شريعته حقيقة واقعة وفريضة واجبة، فرضها الله على الجميع دون استثناء. قال تعالى: (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم). وأمر الله بإقامة العدل في كل الأمور: (وأقيموا ٱلۡوزۡن بٱلۡقسۡط ولا تخۡسروا ٱلۡميزان). وقال سبحانه: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان). وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)).

من جعل العدل أساس ملكه قويت شوكته وعظمت دولته، وإن كان كافراً. ومن جعل أساس دولته الظلم وتضييع الأمانة وإهدار الحقوق لم تبق دولته، وإن كان مسلماً.

ذكر ابن خلدون في مقدمته فصلاً بعنوان "الظلم مؤذن بخراب العمران"، بين فيه أن الظلم إذا انتشر خربت البلاد واختل حال العباد.

في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، كتب إليه بعض عماله يشكو خراب المدينة، فردّ عليه قائلاً: "حصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم، فإنه مرمتها". وكتب إلى واليه على خراسان، الذي طلب الإذن باستخدام السيف والسوط لإصلاح أهلها، قائلاً: "بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم".

العدل قيمة مطلقة مطلوب في كل حال ومن كل أحد: مطلوب من الراعي مع رعيته، ومن الرعية مع بعضهم، ومع الموافق والمخالف، والمحب والمبغض. ومطلوب من الآباء مع أولادهم، والأزواج مع زوجاتهم، وكل ولي مع من ولاه الله أمره.

إقامة العدل في المجتمعات ضرورة، فهو الحارس للعقيدة والمال والنفس والعرض، وهو خصب البلاد وأمن العباد. به قامت السماوات والأرض، وإليه يأوي الضعفاء ويلوذ الفقراء، وفيه إنصاف للمظلوم ورزق للمحروم، وبه يجتمع الشمل وتتحد الكلمة وتدوم الرابطة وتقوى الأواصر بين الناس.

العدل هو ملاك الأمر كله، وجماع الخير ورأس الفضيلة، وعليه تتوقف سعادة وطمأنينة المجتمع، وبه يأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه. فإذا ما أمن الناس وسعد المجتمع بالعدل، عمل الفرد فيه بحرية ونشاط فيزداد الإنتاج ويستقر حال البلاد ويسعد الأفراد والعباد.

العدل لازم لقيام الأوطان وبقائها، والظلم مؤذن بهلاكها وفنائها. وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث أسامة بن زيد حينما أراد أن يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟ ثم قام، فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).

(أخبار سوريا الوطن 2-إسلام ويب3-9-2023)

مشاركة المقال: