الثلاثاء, 2 سبتمبر 2025 12:59 PM

زيارة وفد سوري إلى لبنان: ملف الموقوفين والاتفاقيات الاقتصادية على رأس الأولويات

زيارة وفد سوري إلى لبنان: ملف الموقوفين والاتفاقيات الاقتصادية على رأس الأولويات

وسط الأزمات المتفاقمة في كل من لبنان وسوريا، شهدت العلاقات بين بيروت ودمشق تحركات سياسية وأمنية هادئة. خلافاً للتكهنات التي انتشرت الأسبوع الماضي حول تأجيل أو إلغاء زيارة الوفد السوري، استقبل نائب رئيس الحكومة طارق متري وفداً رسمياً سورياً ضمّ الوزير السابق ومدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية الدكتور محمد طه الأحمد، والوزير السابق محمد يعقوب العمر، مسؤول الإدارة القنصلية، ورئيس الهيئة الوطنية للمفقودين والمُخْفَيْن قسراً ومحمد رضا منذر جلخي، وذلك في أجواء من التكتم.

أفادت مصادر مطلعة أن الرئيس جوزيف عون قد أشار أمام مقربين منه إلى قناعته بأن الأمور مع الجانب السوري لن تكون سهلة، وأن الاجتماعات اللبنانية السورية التي تُعقد في جدة أو الرياض، والتي تتمحور حول بحث العلاقات بين البلدين وسبل حلها، تتسم بطابع العلاقات العامة، وأن المملكة العربية السعودية تسعى إلى ترسيخ دورها كمنظم للعلاقات المستقبلية بين بيروت ودمشق.

أوضحت المصادر أن زيارة الوفد السوري تمت بضغط أمريكي أيضاً، إلا أن الظروف لم تنضج بعد للتوصل إلى حلول للمسائل العالقة بين البلدين. وأشارت إلى أن الوفد الذي أُرسل هو وفد تقني، وأن هدفه الأساسي هو مناقشة ملف الموقوفين. وكشفت المصادر أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنتين، واحدة قضائية لمتابعة ملف الموقوفين، وأخرى لترسيم الحدود، وذلك خلال أسبوعين تمهيداً لزيارة وفد وزاري يضم وزيري العدل والداخلية السوريين.

ترى مصادر سورية أن دمشق ترتب أولوياتها في العلاقة مع لبنان انطلاقاً من أولويات تخص الفريق السياسي الداعم لحكم الرئيس أحمد الشرع، والذي توجد فيه قاعدة اجتماعية معنية بإطلاق سراح نحو 1500 سوري ولبناني سبق لهم أن أوقفوا أو حوكموا أو سُجنوا في لبنان على خلفية موقفهم السياسي أو نشاطهم العسكري ضد النظام السابق.

وتابعت المصادر أن المقاربة السورية لا تحمل التحدي لحكومة لبنان، وأن المطلوب هو مسارعة بيروت إلى معالجة فورية على خلفية إنسانية، لمنع حصول تصعيد من جانب قوى فاعلة في سوريا، وهي تطالب بأن تعمد الحكومة الجديدة في دمشق إلى التلويح برفع دعاوى ضد كل لبناني شارك في القتال إلى جانب النظام السابق، وأن العودة عن هذا الخيار تبقى رهن إطلاق سراح الموقوفين حالياً في السجون اللبنانية.

وبحسب المصادر، فإن دمشق لا تخفي اهتمامها أيضاً بعشرات الإسلاميين اللبنانيين الذين أوقفوا أو حوكموا على خلفية الأزمة السورية. وتعتبر دمشق أنها مسؤولة معنوياً عن هؤلاء، وهي مستعدة لاستضافتهم في سوريا إلى حين تبريد الأجواء وعودتهم لاحقاً إلى لبنان.

أما في الملفات الأمنية والسياسية، فإن دمشق تعتبر أنه يمكن إطلاق ورشة عمل للجان مشتركة بين البلدين لوضع إطار لعملية ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، بما يقفل أي خلاف موجود إلى الأبد. وفي الجانب الاقتصادي، تعتبر دمشق أن من حقها إعادة النظر في كل الاتفاقيات التي كانت معقودة بين البلدين في السنوات الثلاثين السابقة، وأن النقاش القانوني في سوريا ينطلق من كون النظام الاقتصادي في دمشق قد شهد تغييراً كبيراً، ولم تعد دمشق تحتاج إلى لبنان كمركز لعبور البضائع التي كان النظام السابق يمنع دخولها بشكل رسمي إلى سوريا، وأن الحكومة الجديدة فتحت كل المعابر البرية والبحرية والجوية أمام عملية استيراد واسعة، وهو أمر سيؤثر في دور المرافق الحدودية للبنان.

يشار أيضاً إلى أن الوفد السوري ليس مخولاً تقديم إجابات حاسمة حول ملف النازحين السوريين، وبحسب المصادر السورية، فإن دمشق كانت أبلغت لبنان عبر أكثر من جهة، بأنه قبل إطلاق عملية إعادة الإعمار في سوريا، سيكون من الصعب عودة غالبية كبيرة من النازحين، برغم أن الدولة السورية تشجع عائلات تعيش في مخيمات للعودة إلى قراها ومدنها الآن. وقالت المصادر إن دمشق تلقت معلومات عن رغبة السلطات اللبنانية في تسريع عودة عائلات النازحين وليس جميع أفراد العائلة، حيث هناك حاجة فعلية للاقتصاد اللبناني إلى العمالة السورية بصورة كبيرة، وفي كل قطاعات الإنتاج والخدمات.

مشاركة المقال: