نور الدين عمر ـ حلب
تشهد عدة أحياء في مدينة حلب أزمة مياه حادة تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان، خاصة في المناطق التي تعتمد على نظام نقل المياه عبر خزانات متعددة للوصول إلى المنازل، مثل الأحياء الغربية والجنوبية من المدينة.
بين ترف البعض ومعاناة الآخرين
يشكو سكان أحياء حلب الجديدة، والمهندسين، والحمدانية، وصلاح الدين، والراموسة، والأكرمية، وسيف الدولة، والحيدرية، والإنذارات، ومساكن هنانو، من نظام الضخ الحالي الذي لا يوفر المياه إلا مرة واحدة كل ستة أيام ولساعات محدودة. حسن الشاوي (25 عاماً)، من سكان حي صلاح الدين، صرح لنورث برس بأن المياه تصل مرة واحدة كل ستة أيام ولمدة ليلة واحدة فقط، مما يحرم السكان من تلبية احتياجاتهم الأساسية، حتى مع استخدام المضخات لرفع المياه إلى الطوابق العليا، بسبب ضعف الضخ أو توقفه المفاجئ أثناء التوزيع. وأشار إلى أن الوضع كان أفضل في السابق، حيث كانت المياه تصل مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً، ولكن الآن يضطر السكان إلى الاعتماد على خزانات المساجد القريبة أو شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة تصل إلى 125 ألف ليرة سورية للألف لتر. ويرى الشاوي أن هذه التكلفة باهظة جداً ولا تتناسب مع دخل الأفراد والعائلات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤكداً أن نقص المياه يزيد من الأعباء على الأسر غير القادرة على شراء كميات إضافية. وطالب الحكومة والجهات المسؤولة بزيادة عدد أيام الضخ لتخفيف العبء عن السكان، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.
ضخ متقطع ومياه غير صالحة
أما أحمد ملحم (35 عاماً)، وهو من سكان حي سيف الدولة ويعمل في صلاح الدين، فأكد في تصريحات لنورث برس أن نظام الضخ تدهور بشكل كبير عما كان عليه في السابق، حيث قد يتأخر وصول المياه بين خمسة أيام وأسبوع كامل، وعندما تصل تكون متقطعة ولساعات قليلة، مما يزيد من معاناة الأهالي. وأضاف أن تكلفة ملء صهريج مياه أصبحت تفوق قدرة معظم العائلات، خاصة بعد أن وصل سعر الألف لتر إلى 125 ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى أن المياه التي تصل عبر الشبكة غالباً ما يكون لها طعم غريب يشبه البلاستيك، مما يجبر السكان على تركها فترة من الوقت حتى تعود إلى طبيعتها. وشدد ملحم على ضرورة أن تعمل الجهات المعنية على تحسين نظام التوزيع وضمان فحص جودة المياه بشكل دوري.
منذ أواخر عام 2024، تراجع ضخ المياه بشكل ملحوظ في أحياء حلب، وخاصة تلك التي تعتمد على النقل عبر خزانات المؤسسة. وقد تضافرت عدة أسباب لتفاقم الأزمة، بما في ذلك الأعطال المتكررة في المضخات، والاستجرار غير المشروع للمياه، وإعادة توجيه جزء من الكميات إلى الأرياف الشمالية والجنوبية، بالإضافة إلى تزايد الطلب بعد عودة المهجرين إلى المدينة. وتصف راما ساكت (25 عاماً) من سكان حي سيف الدولة الوضع بأنه “مأساوي”، مشيرة إلى أن نظام الضخ السابق كان يعتمد يومين انقطاع واليوم الثالث ضخ، أما الآن فقد أصبح الانقطاع يمتد لخمسة أيام متتالية، واليوم السادس قد تأتي فيه المياه أو لا تأتي إذا حدث عطل فني. وأوضحت لنورث برس أن الضخ عندما يصل يكون ضعيفاً وغير كافٍ، مما يضطر العائلات إلى تشغيل المضخات لساعات طويلة. وأكدت أنها وعائلتها باتوا مضطرين للاعتماد على شراء المياه من الصهاريج، الأمر الذي يرهقهم مالياً ويعرضهم لمواقف محرجة، إذ حصل أن طلبوا صهريجاً للمياه، وفور وصوله بدأ الضخ الحكومي، مما أجبرهم على إلغاء الطلب ودفع نصف المبلغ للسائق. وطالبت ساكت بعودة البرنامج القديم الذي كان أكثر عدلاً ومعقولية، إذ كان يسمح للعائلات بتأمين حاجتها من المياه وفق سعة الخزانات المنزلية، بخلاف الوضع الحالي الذي لا يراعي ظروف السكان.
تحرير: معاذ الحمد