الثلاثاء, 9 سبتمبر 2025 04:33 AM

أزمة حكومية في فرنسا: حجب الثقة عن حكومة بايرو يضع ماكرون أمام تحديات سياسية وانتخابات مبكرة محتملة

أزمة حكومية في فرنسا: حجب الثقة عن حكومة بايرو يضع ماكرون أمام تحديات سياسية وانتخابات مبكرة محتملة

أدت أزمة سياسية حادة إلى تهديد فرنسا بعد أن حجب النواب الفرنسيون الثقة عن حكومة فرنسوا بايرو، الذي سيقدم استقالته للرئيس إيمانويل ماكرون بعد أقل من تسعة أشهر من توليه منصبه.

صوّت 364 نائباً لصالح حجب الثقة، بينما أيد 194 نائباً فقط حكومة بايرو، التي أعلنت تحملها مسؤولية مشروع ميزانية للعام 2026 ينص على اقتطاعات بقيمة 44 مليار يورو.

أعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون “سيلتقي رئيس الوزراء فرنسوا بايرو غداً (الثلاثاء) لقبول استقالة حكومته. وسيُسمّي الرئيس رئيساً جديداً للوزراء في الأيام المقبلة”.

بهذا، يخسر ماكرون ثاني رئيس وزراء يسمّيه منذ قراره المفاجئ عام 2024 حل الجمعية الوطنية بعد تحقيق اليمين المتطرف تفوقاً في انتخابات البرلمان الأوروبي، ما أدخل البلاد في أزمة سياسية ومالية كبيرة من دون أن يمنحه أي غالبية في الجمعية الجديدة.

قال بايرو أمام الجمعية الوطنية قبيل التصويت: “هذا اختبار حقيقي كرئيس للحكومة (…) واخترت ذلك”، مؤكداً أن “مستقبل البلاد على المحك” بسبب “ديونها المفرطة” (114% من الناتج المحلي الإجمالي).

وأضاف: “بلادنا تعمل وتظن أنها تزداد ثراء لكنها في الواقع تزداد فقراً كل عام. إنه نزيف صامت وباطني غير مرئي لا يحتمل”.

وحذر بايرو قائلاً: “لديكم القدرة على اطاحة الحكومة ولكنكم لا تملكون القدرة على محو الواقع” مشبهاً “الرزوح تحت عبء الدين … بالخضوع لقوة عسكرية” والحرمان من الحرية.

يدفع حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) نحو تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

واعتبرت زعيمة الحزب مارين لوبن الاثنين أن حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة “ليسا خياراً بل أمراً واجباً” على ماكرون.

يستبعد الرئيس الذي تنتهي ولايته في العام 2027، خيار حل الجمعية الوطنية مجدداً في الوقت الراهن.

كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأحد أن حزب لوبن سيتصدر مع حلفائه نتائج الدورة الأولى للانتخابات في حال جرت مع 33% من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على اليسار والمعسكر الرئاسي.

بدأت المشاورات منذ الآن، مع تموضع الحزب الاشتراكي في وسط اللعبة، مبدياً “استعداده” لتولي السلطة ولكن في إطار حكومة يسارية بدون “الماكرونيين”.

يجد ماكرون نفسه محاصراً بين يمين متطرف يتصاعد نفوذه على مر السنوات والانتخابات، ويسار راديكالي (ممثلاً بحزب فرنسا الأبية) يزداد تشدداً ومناهضة له، ما يحتم عليه السعي لتوسيع كتلته الوسطية والبحث عن شخصية يمينية أو من الوسط يقبل بها الاشتراكيون.

وقال أحد المقربين من الرئيس “ثمة حاجة إلى الاستقرار. والأكثر استقرارا هو القاعدة المشتركة التي تتحاور مع الاشتراكيين”.

لكن المهمة تبدو صعبة إزاء تمسك الأحزاب بمواقفها.

ورأى ماتيو غالار من معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي متحدثاً لوكالة فرانس برس أن “المشكلة الحالية في فرنسا هي إن كل (حزب) لديه خطوط حمر، وأن هذه الخطوط الحمر تجعل من المستحيل تماماً تشكيل ائتلاف. لا ائتلاف يملك الغالبية، ولا ائتلاف يمكنه الصمود بصورة دائمة”.

ويتم تداول أسماء من بينها وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو ووزير العدل جيرالد دارمانان ووزير الاقتصاد إريك لومبار.

تزداد خطورة التحدي أمام ماكرون وسط مشاعر الريبة القوية تجاهه وتراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ وصوله إلى السلطة عام 2017، إذ يبدي 77% من الفرنسيين استياءهم حيال إدارته للبلاد.

بالإضافة إلى أزمة الميزانية والمأزق السياسي، تستعد فرنسا لمرحلة من الاضطرابات الاجتماعية تبدأ بيوم اختبار أول الأربعاء.

دعت حركة “مدنية” نشأت خلال الصيف على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “لنعرقل كل شيء” وتدعمها بعض النقابات واليسار الراديكالي، إلى شل البلد الأربعاء، غير أن مدى التعبئة الفعلي يبقى مجهولا إلى الآن.

كما دعت النقابات إلى يوم إضراب وتظاهرات في 18 أيلول/سبتمبر تنديداً بسياسة الحكومة وبمشروع الميزانية الذي طرحه بايرو، ولو أنه من المرجح أن تكون حكومته سقطت بحلول ذلك التاريخ.

وتعلن وكالة فيتش الجمعة تصنيفها الائتماني للدين الفرنسي، مع احتمال تراجع علامته في ظل الظروف الحالية.

مشاركة المقال: