احتضان روان يفتح الباب لأسر أخرى لتعلن قصصها بلا خوف. حين وقفت عائلة روان بشجاعة في وجه الصمت المطبق، واحتضنت ابنتها التي تعرضت لاعتداء جنسي جماعي، لم تقتصر مهمتهم على الدفاع عن ابنتهم فحسب، بل امتدت لتشمل الدفاع عن كرامة مجتمع بأكمله يرفض أن تُهدر فيه حقوق الضحايا تحت وطأة العار والخوف.
بإقدام نادر، اختارت عائلة الشابة سلوك طريق مغاير للمألوف، حيث لم يتعاملوا مع الجريمة بوصفها "فضيحة" تستوجب التستر عليها، بل فتحوا قلوبهم واحتضنوا ابنتهم بكل ما أوتوا من قوة، معلنين للجميع أنها ليست وحدها في هذه المعركة.
بهذا الموقف البطولي، نقلوا القضية من دائرة الرعب والتكتم إلى ساحة العلن، ليصبح الدفاع عن الضحية بمثابة دفاع عن العدالة وعن كل فتاة تتوق إلى الأمان والحماية.
لم يكتف أبناء قرية حورات عمورين بالتعبير عن استنكارهم للجريمة، بل أصدروا بياناً واضحاً وصريحاً يرفض هذا الفعل الشنيع ويؤكد تضامنهم الكامل مع روان وعائلتها، في خطوة تجسد دعماً واسعاً يتجاوز حدود العائلة. وعلى الرغم من أنهم ذكروا اسم روان الكامل، وهو ما قد يُعد انتهاكاً لخصوصيتها، إلا أن هدفهم كان التأكيد على التضامن والاحتضان، وإيصال رسالة مفادها أن روان لم ترتكب أي خطأ ولا يجب عليها أن تخشى ذكر اسمها، فهي ليست مجرمة تختبئ، بل ضحية يجب أن ترفع صوتها عالياً وتطالب بإنزال أقصى العقوبات بالمجرمين.
لا شك أن هذا الموقف الجماعي يمثل دعماً لشجاعة عائلة روان، فالعائلة مصممة على المضي قدماً في طريق العدالة، انطلاقاً من إيمانها بأن الصمت في مواجهة مثل هذه الجرائم يعني قتل الضحية مرتين: مرة عبر الفعل الوحشي ذاته، ومرة أخرى عبر إنكار حقها في العدالة.
يجب أن يشجع موقف العائلة العديد من الأسر الأخرى على كسر حاجز الصمت والكشف عن الانتهاكات التي يتعرضون لها. فها هي روان وعائلتها، بشجاعتهم النادرة، يمهدون الطريق أمام كل امرأة أخرى تعرضت لموقف مماثل، ولكل مختطفة ربما عاشت تجربة مشابهة. إن كسر جدار الصمت يعني حماية الفتيات والنساء، وانتزاع حقوق الضحايا، والاقتصاص من المجرمين.
روان اليوم ليست مجرد ابنة لعائلتها أو قريتها، بل هي ابنة لكل بيت سوري يؤمن بأن كسر الصمت هو الخطوة الأولى نحو تحقيق الأمان، وأن مواجهة العنف بالوضوح والشجاعة هي السبيل الأمثل لبناء مجتمع أقوى وأكثر إنصافاً.