الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 04:47 PM

مدارس درعا تُمهل نازحي السويداء بالإخلاء مع اقتراب العام الدراسي وسط غياب البدائل

مدارس درعا تُمهل نازحي السويداء بالإخلاء مع اقتراب العام الدراسي وسط غياب البدائل

تتواصل تداعيات أحداث السويداء التي بدأت في 14 تموز الماضي، وتأثيرها على المدنيين النازحين من قراهم. يواجه النازحون من السويداء، المقيمون في مدارس حكومية بدرعا، صعوبات جمة في إيجاد أماكن إقامة بديلة، خاصة مع قرب بدء العام الدراسي في 21 أيلول الحالي. تحتاج المدارس التي يشغلها النازحون إلى ترميم جزئي وتنظيف الفصول وطلاء الجدران استعدادًا لاستقبال الطلاب، في حين لم تتخذ الجهات المعنية أي إجراءات لتأمين مساكن بديلة للنازحين حتى الآن.

أفاد مدير تربية درعا، محمد الكفري، في تصريح لـ "عنب بلدي"، أن عدد المدارس التي يقطنها النازحون من السويداء يبلغ 52 مدرسة، معظمها في ريف درعا الشرقي.

إشعارات بالإخلاء من المدارس

أبلغت إدارة مدرسة المليحة الشرقية في ريف درعا الشرقي، النازحين بضرورة إخلاء المدرسة قبل بداية العام الدراسي الجديد، دون توفير مراكز إيواء بديلة لهم. بشار الحمود، أحد سكان المدرسة، ذكر لـ "عنب بلدي" أنه لا توجد بدائل متاحة لعائلته. حاول بشار إيجاد سكن في أحد المشاريع الزراعية أو العمل في حراستها لتأمين مكان بديل، لكنه لم ينجح. وأضاف أن إدارة المدرسة أبلغت عائلته مرتين بضرورة الإخلاء الفوري، ولا يعلم إلى أين سيتجه مع عائلته، لعدم توفر بدائل سكنية. ولا يملك بشار المال الكافي لاستئجار منزل في ريف درعا الشرقي.

في مطلع أيلول الحالي، طلبت إدارة مدرسة ثانوية داعل من العائلات النازحة إليها إخلاء المدرسة. سمية العلي، إحدى النازحات المقيمات في الثانوية، بحثت عن بيت للإيجار في مدينة داعل، لكنها لم تجد بيوتًا إيجارها أقل من 600 ألف ليرة شهريًا، وهو مبلغ لا تستطيع عائلتها دفعه. تعمل سمية في أعمال المياومة الزراعية، وفرص العمل قليلة بسبب عمل معظم مهجري السويداء في الزراعة وعدم امتلاكهم مهنة أخرى. وتراجع المساحات المزروعة بمنطقة داعل يؤدي إلى قلة الطلب على الأيدي العاملة في الزراعة. حملّت سمية الحكومة المسؤولية في تأمين مراكز إيواء مستدامة لحين عودة المهجرين إلى منازلهم.

اقترح عقاب الحمد، من سكان السويداء والمقيم حاليًا في مركز إيواء بداعل، توزيع خيام على العائلات للسكن في محيط المشاريع الزراعية أو مراكز الإيواء، معتبرًا أن الخيمة هي الحل الأخير الذي يمكن أن يأوي عائلته.

تراخي حكومي في الاستجابة

على الرغم من حاجة المدارس التي يشغلها المهجرون إلى التنظيف وترميم المقاعد وطلاء الجدران وإعادة تأهيل الألواح، لم تباشر مديرية تربية درعا بهذه الإجراءات. وأوضح مدير تربية درعا، محمد الكفري، أن المديرية عملت بالتنسيق مع وزارة التربية على إرسال تقارير إلى وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث لإيجاد مراكز بديلة لمهجري السويداء، ولإتاحة الفرصة لتجهيز المدارس قبل بداية العام الدراسي القادم. وأضاف أن لدى المديرية دراسة جاهزة لترميم المدارس المتضررة، وستباشر قريبًا عملية الترميم على نفقة حملة تبرعات "أبشري حوران"، التي خُصص قسم منها لترميم المدارس. وأشار إلى أن ترميم المدارس سيبدأ بالفارغة، إذ جرى تأجيل خطة ترميم المدارس التي يقيم فيها المهجرون لحين إيجاد مراكز بديلة لهم.

مقترحات لمراكز بديلة

تحدث عضو المكتب التنفيذي للشؤون الاجتماعية، حسين النصيرات، عن طرح بعض المواقع كمراكز بديلة، لكنها لا تغطي 10% من أسر النازحين. وأوضح أنه من الصعب وضع معايير لاختيار هذه الأسر بسبب علاقة الترابط التي تجمع أسر البدو، وعدم رغبتهم بالتفرق. ونوه النصيرات لوجود مشكلة في الإسكان بمحافظة درعا، نظرًا لزيادة عدد السكان وعودة المهجرين إليها، في ظل نقص كبير بالأماكن السكنية المؤهلة للعيش، نتيجة تضررها خلال سنوات الحرب.

الأولوية للعودة

طالب المهجر بشار الحمود بتأمين مساكن للمهجرين في ريف السويداء الغربي، الذي هو حاليًا تحت سيطرة الأمن الداخلي، معتبرًا أن تهجيرهم الديموغرافي يعد جريمة بحقهم. وأشار عضو المكتب التنفيذي في محافظة درعا، حسين النصيرات، إلى أن الأولوية التي تعمل عليها الحكومة هي إعادة النازحين إلى منازلهم في السويداء، من خلال حشد الموارد لتأهيل المنازل المتضررة وفتح قنوات التواصل بين مختلف الأطراف في السويداء للاتفاق على العودة الآمنة للمهجرين إلى قراهم بعد بناء جسور الثقة بينهم. وأوضح أنه بدأ بالفعل التنسيق بين الجهات الحكومية وفصائل السويداء على وضع خطوات جديّة لتأمين عودة المهجرين.

وقال محافظ السويداء، مصطفى البكور، إن الحكومة تعمل على وضع خطة شاملة لإعادة المهجرين من السويداء إلى قراهم وممتلكاتهم، بما يضمن استقرارهم واستعادة حياتهم الطبيعية. وأوضح أن الحكومة وعلى رأسها وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، تتابع أوضاع الأهالي المهجرين من قرى السويداء والمقيمين في مراكز الإيواء المؤقتة بمحافظة درعا وداخل مدينة السويداء. وأشار بكور إلى أن محافظة السويداء قامت بتوجيه المنظمات الإنسانية والهلال الأحمر السوري لتأمين إغاثة عاجلة تضمن تلبية الاحتياجات الأساسية للمهجرين.

أطفال تهجروا من محافظة السويداء إلى مركز إيواء داعل في ريف درعا الغربي – 9 أيلول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

خلفية الأحداث

بدأت أحداث السويداء في 12 تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة. تدخلت الحكومة السورية في 14 تموز لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، وتصرفات مهينة، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية. في 16 تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.

مشاركة المقال: