دير الزور – عبادة الشيخ: يواجه القطاع الطبي في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، أزمة حادة تتجلى في نقص الكوادر الطبية والمعدات والأدوية، مما ينذر بعواقب وخيمة على حياة آلاف السكان. تعود جذور هذه الأزمة إلى النزاع الذي شهدته المنطقة، والذي أدى إلى تدمير المرافق الصحية وهجرة العديد من الأطباء والممرضين.
تعمل المستشفيات المتبقية في دير الزور بقدرة محدودة وتعاني من نقص في التجهيزات الأساسية، وفقًا لما ذكره مدير المستشفى “الوطني” في دير الزور، عمر حاج حمدو. وأشار إلى النقص في اختصاصات حيوية مثل جراحة التجميل والحروق، وطب الطوارئ والإنعاش، بالإضافة إلى غياب اختصاصي التخدير. كما يفتقر المستشفى إلى أجهزة طبية ضرورية مثل جهاز الرنين المغناطيسي، وجهاز “فاكو” لإزالة الماء الأبيض من العين، ومجهر عيني.
وفي مستشفى “أحمد الهويدي”، أوضح الطبيب مهند السراج أن النقص يشمل معدات حيوية مثل “قبضات TOT”، و”منافس” وأسِرّة للعناية النسائية، بالإضافة إلى مولد أكسجين ومولدة كهرباء. وأكد أن المستشفى “بحاجة ماسّة” إلى أسِرّة أطفال، وشاشات مراقبة “مونيتور”، وحاضنات، وجهاز “غواصة” (حاضنة علاج ضوئي).
صعوبة في الحصول على الرعاية
تتجلى الأزمة الطبية في معاناة السكان اليومية في الحصول على الرعاية الصحية. ضحى الدبيس من مدينة البوكمال، تحدثت عن صعوبة نقل ابنها الذي يحتاج إلى غسل كلى إلى المستشفى الوطني في الميادين مرتين في الأسبوع، مما يكبّدها أعباء مالية ونفسية كبيرة. وتأمل ضحى في توفير هذه الخدمة في البوكمال لتخفيف معاناتها ومعاناة الآخرين.
نقص حاد في الأدوية
يشكل نقص الأدوية تحديًا كبيرًا، خاصة أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط والقلب، بالإضافة إلى الأدوية المنقذة للحياة والمضادات الحيوية. ظافر الطعمة من دير الزور، يعاني من صعوبة الحصول على أدوية السكري، ويضطر لشرائها من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة، وفي بعض الأحيان لا تكون متوفرة على الإطلاق.
أشار الطبيب مهند السراج إلى أن مستشفى “الهويدي” يفتقد أدوية مهمة مثل “سيتامول” و”تينام بلس” و”مترجين” و”سايتوتك”. وفي مطلع آب الماضي، استقبل المستشفى أكثر من 450 حالة تعاني من “ضربات شمس”، واضطر المرضى لشراء أدويتهم من الخارج بأسعار مرتفعة.
جهود التأهيل
نائب مدير الصحة في دير الزور، أحمد الشلاش، تحدث عن خطة لتأهيل وتجهيز المستشفيات في المحافظة، بهدف تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وأوضح أن الخطة الحالية تركز على تجهيز المستشفيات بالمعدات اللازمة، معربًا عن أمله في توفر جميع المواد المطلوبة لإنجاز هذه المهام. وأشار إلى أن مستشفى “عائشة” في مدينة البوكمال على وشك الدخول بالخدمة، وأن مستشفى “الميادين” يعمل بالفعل، أما المستشفى “الوطني” فهو قيد التأهيل حاليًا، وبعض أقسامه مثل الإسعاف والعمليات وقسم الكلى جاهزة للعمل.
تهدف الخطة المستقبلية، بحسب الشلاش، إلى تجهيز المستشفى “الوطني” بالكامل بجميع الاختصاصات والمعدات، مشيرًا إلى أن هذا يعتمد على الدعم المقدم من الدولة والمنظمات الإنسانية والداعمين من المغتربين. وأشار إلى أن الدعم الحالي يلبي الحاجة الإسعافية، موضحًا أن هناك العديد من المراكز الصحية التي تحتاج إلى تأهيل وترميم وتجهيز. وتابع أن التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع الصحي في دير الزور هو النقص الحاد في الكادر الطبي القادر على تغطية المنطقة بأكملها، حيث تحتاج جميع الاختصاصات إلى أطباء في تخصصات الداخلية والنسائية والأطفال والأسنان، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 30 مركزًا صحيًا ضمن مناطق سيطرة الحكومة في المحافظة.