الأحد, 21 سبتمبر 2025 06:09 PM

حاكم مصرف سوريا المركزي يعلن عن خطة نقدية جديدة لدعم النمو ومواجهة التحديات الاقتصادية

حاكم مصرف سوريا المركزي يعلن عن خطة نقدية جديدة لدعم النمو ومواجهة التحديات الاقتصادية

أعلن حاكم «مصرف سوريا المركزي»، عبد القادر حصرية، عن خطة جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار الأسعار والحفاظ على قيمة العملة، بالإضافة إلى تهيئة بيئة مالية داعمة للنمو الاقتصادي.

وأوضح أن هذه السياسة النقدية تواجه تحديات كبيرة، من أبرزها تطوير أدواتها لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم وتنامي حجم الاقتصاد غير الرسمي. وأشار إلى أن «المصرف» يعمل على تفعيل هذه الخطط.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بيّن حصرية أن التحديات التي تواجه السياسة النقدية السورية تشمل نمو الاقتصاد غير الرسمي، وتداول كميات نقدية خارج النظام المصرفي، ونقص البيانات الاقتصادية الدقيقة، بالإضافة إلى تبعات العقوبات والقيود الخارجية التي تحد من قدرة النظام المالي على التواصل مع الأسواق الدولية.

وأكد أن السياسة النقدية تسعى إلى تحقيق هدفين متكاملين: استقرار الأسعار والحفاظ على قيمة العملة، مع توفير بيئة مالية تدعم النمو. ولتحقيق ذلك، يعمل «المصرف» على إدارة عرض النقود ومعدلات الفائدة للحد من الضغوط التضخمية، وتحسين قدرة المصارف على تمويل القطاعات الإنتاجية بضوابط سليمة، وتنسيق السياسات مع وزارة المالية والمؤسسات الأخرى لتوجيه الإنفاق العام والاستثمارات نحو مشروعات ذات أثر نمو كبير، وتعزيز الشفافية والبيانات الاقتصادية لتوجيه السياسات بدقة أكبر.

وأشار حصرية إلى أن هذه الإجراءات لم تكن موجودة في السابق، ويجري العمل على تطبيقها كاستراتيجيات وإجراءات للوصول إلى الأهداف المنشودة. وأوضح أن القطاع المصرفي يعاني من نقص السيولة بسبب الأزمة اللبنانية وفقدان الثقة بالقطاع، ما أدى إلى توقف الإقراض تقريباً. ويسعى «المصرف» للتعامل مع هذه الأزمة برؤية واضحة تهدف إلى إعادة القطاع المصرفي لدوره في الاقتصاد كوسيط بين القطاع الأهلي وقطاع الأعمال، وتحريك فوائض القطاع الأهلي لتوفير التمويل لقطاع الأعمال.

وعن دوافع طرح عملة محلية جديدة وحذف أصفار منها، أوضح حصرية أن ذلك يهدف إلى تبسيط التعاملات اليومية وتسهيل الحسابات، واستعادة ثقة الجمهور بالعملة، والحد من التدفقات النقدية الكبيرة في التداول غير الرسمي، بالإضافة إلى الأثر الرمزي في بدء إصلاحات نقدية أوسع. وأشار إلى أن هذه الخطوة تترافق عادة مع حزمة من الإصلاحات المصاحبة لتحديث الأنظمة المصرفية وحملات التوعية والإجراءات الفنية للمصارف.

وقد تم إعداد طلب لاستجلاب عروض لطباعة العملة السورية الجديدة، وستتم مراسلة الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال. وأعلن حصرية أن «كل الشركات الكبرى تقريباً تواصلت معنا، وأبدت اهتماماً كبيراً بطباعة العملة الجديدة، ونهدف إلى إتمام عملية الطباعة خلال نحو 3 أشهر». وأضاف أنه لم يتم نشر قائمة رسمية بأسماء الشركات الفائزة أو المتقدمة بالعروض حتى الآن.

وأوضح حصرية أن «المصرف» يتعامل مع مستويات التضخم الحالية بأدوات متعددة، تشمل ضبط عرض النقد، وإدارة سياسات الاحتياطي لدى المصارف، والتعاون مع وزارة المالية لضبط العجز والإنفاق، وإجراءات رقابية على الأسواق لمنع الممارسات الاحتكارية. كما يعمل على تحسين نظم جمع البيانات ومؤشرات الأسعار لقياس التضخم بدقة وتمكين سياسات استباقية.

وأكد حصرية أن أي إجراءات لتهدئة التضخم يجب أن تراعي تأثيرها على النمو وفرص العمل، لذا يتم تبني نهج متدرج ومدروس.

وفيما يتعلق بالحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، أوضح حصرية أن الاستراتيجية المتبعة تجمع بين إدارة احتياطات النقد الأجنبي، وتنظيم سوق الصرف، وتشجيع التحويلات الواردة، والتنسيق مع الشركاء التجاريين والإقليميين لتعزيز التدفقات التجارية والمالية. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تنفذ بالتوازي مع سياسات مالية هيكلية لمعالجة اختلالات المدفوعات.

وبشأن القطاع المصرفي، قال حصرية إنه يواجه تحديات سيولة ورأسمالية، وانكشافاً على القطاع المصرفي اللبناني يتجاوز 1.6 مليار دولار، بالإضافة إلى الحاجة لتحديث البنية التحتية والحوكمة وتعزيز إدارة المخاطر. ولتعزيز هذا القطاع، يجري العمل على رفع متطلبات الحوكمة والشفافية، وتعزيز الملاءة، وتشجيع الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم رقمنة الخدمات المصرفية.

وأشار حصرية إلى أن الوضعين الاقتصادي والسياسي الدوليين يؤثران على الاقتصاد السوري عبر القيود على الوصول إلى الأسواق والتمويل الدولي، وتقلب أسعار الطاقة والسلع، والتوترات الجيوسياسية. لكنه تحدث عن أن إعادة الانخراط الإقليمي الأخيرة فتحت بعض قنوات التعاون والاستثمار التي قد تخفف من هذه الضغوط تدريجياً.

وبشأن المبادرات التي يدعمها «المصرف» لتشجيع الاستثمار في سوريا، قال إنه يتم دعم برامج تمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخطوط تمويل ميسرة للقطاعات ذات الأولوية، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وعن كيفية تحسين مناخ الأعمال لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، أجاب حصرية بأن ذلك يحتاج إلى استقرار تشريعي وتنظيمي، وحماية حقوق المستثمر، وتبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية، وشفافية في القوانين الضريبية، وتسهيل الوصول إلى التمويل.

وأوضح حصرية أن الأهداف الاستراتيجية لـ«المصرف» في السنوات المقبلة تتضمن استعادة الاستقرار النقدي، والتحكم في التضخم، وإعادة بناء ثقة الجمهور بالنظام المصرفي، ودعم الانتعاش الاقتصادي، وتحديث البنية التحتية لأنظمة الدفع والرقمنة، وتحسين الإطار الإحصائي والمعلوماتي.

وبشأن دور «المصرف» في دعم إعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا، أوضح حصرية أن لديهم دوراً تمكينياً ومحورياً يتمثل في توفير وسائل تمويلية ملائمة، وإدارة المخاطر المالية والاجتماعية لعمليات الإعمار، وتوفير نظم دفع وكفاءة مصرفية تدعم استثمارات إعادة الإعمار، والمشاركة في برامج تمويل مشتركة مع جهات مانحة ومؤسسات دولية.

وبشأن زيارته الأسبوع الماضي إلى الرياض وأطر التعاون بين سوريا والسعودية في المجالين المالي والمصرفي، ذكر حصرية أن التواصل مع «المصرف المركزي السعودي» والمؤسسات المالية السعودية يركز على مجالات دعم التعاون المصرفي الثنائي، وتطوير آليات التسوية والدفع، وتشجيع الاستثمارات السعودية في قطاعات إعادة الإعمار، وفتح حسابات للمصارف السورية في المصارف السعودية الرائدة، وتأسيس مصارف سورية بمشاركة مصارف سعودية، وفتح قنوات تمويل ومبادلات تجارية.

مشاركة المقال: