تحمل رواية "ينام وذهنه مشغول" للكاتب والروائي العراقي شاكر الأنباري أبعاداً فلسفية ووجودية، وتقدم سرداً واقعياً لأحداث تاريخية مؤلمة. صاغ الأنباري هذه الأحداث على شكل رؤى ثقافية عميقة وتجليات روحية وكونية، تطرح أسئلة تراجيدية حول الإنسان والمجتمع والذاكرة.
تقع الرواية، الصادرة عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، في 280 صفحة، وتمثل الإصدار الرابع عشر في مسيرة الروائي. تتناول الرواية بوجع التاريخ الدموي للعراق خلال الستة عقود الأخيرة، وذلك من خلال قصة البطل "رسول" الذي يصاب بجلطة دماغية تجبره على التواصل مع العالم بعينه فقط، بينما تبقى ذاكرته مشغولة باسترجاع مفاهيمه وأفكاره وأحداث حياته منذ الولادة وحتى لحظة الاحتضار.
في لحظات مرض البطل، تظهر له شخصية الشيطان بين اليقظة والحلم، كشخصية وهمية كامنة في اللاوعي، عبر مشاهد وأحداث وقصص. تختلط الذكريات البعيدة بالأحداث التي يختلقها خياله، مما يصعب التمييز بين الوهم والواقع، إلى أن تظهر شخصيات حقيقية مقربة منه كابنه بشير وزوجته براء وأخيه فؤاد.
وفي تصريحاتٍ لـ سانا، أوضح الأنباري أن روايته تتحدث عن ذاكرة شخص مشلول تمتد لأكثر من خمسين عاماً، ضمن الأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية والتحولات الحضارية التي عاشها العراق، ليتحول الشخص إلى ذاكرة بدون حركة، إلى أن يرحل. وأكد الأنباري أن الأدب الحقيقي يتكلم عن المجتمع بصدق ويعبر عن قضاياه وهمومه ويرسم تطلعاته وطموحاته، مشيراً إلى أن الرقابة والممنوعات على الأدب مصيرها الفشل، وأنه لا يمكن قمع حرية الأديب لفترة طويلة كما حدث في سوريا، حيث انتصرت حرية الأدب بالنهاية مع التحرير. كما أشار إلى المهمة الصعبة التي تقع على عاتق الشباب المثقف السوري، والتي تفرض عليه ضرورة الالتصاق بقضايا بلده وبناء مستقبله، وتعزيز السلم الأهلي ونشر المحبة والسلام والتسامح.
بدوره، تحدث الأديب الروائي خليل صويلح عن تجربة الأنباري عموماً وهذه الرواية خصوصاً، مشيراً إلى أنه ينشغل بالمشهد العراقي خلال الحرب وما بعدها، وبالخراب الروحي الذي ألقى بثقله على البشر ومصائرهم. وأضاف أن الأنباري في هذه الرواية يستعير ذاكرة شاعر أُصيب بجلطة دماغية ليستعرض شريط حياته بخيباته وأوقاته السعيدة، وفق رؤية بانورامية شاملة لما آلت إليه البلاد، في ظل العنف الذي أطاح بطمأنينة المدن والقرى والبشر، معتمداً على تجربة شخصية عاشها عن كثب.
يُشار إلى أن الروائي الأنباري ولد عام 1957 في محافظة الأنبار العراقية، وغادر بلاده عام 1982. لديه أعمال روائية غنية منها: شجرة العائلة، ياسمين، الكلمات الساحرات وأنا والمجنون، إضافةً إلى عدة كتب منها الديموقراطية التوافقية – مفهومها ونماذجها، دولة على المفترق.