أعلن "متحف سجون سوريا" عن اعتقال مؤسسه، الصحفي والناشط الحقوقي عامر مطر، من قبل وزارة الداخلية السورية على الحدود السورية-اللبنانية، يوم الأربعاء 24 من أيلول. وذكر "المتحف" في بيان عبر حساباته الرسمية أن السلطات السورية اعتقلت المدير المؤسس لـ"متحف سجون سوريا" عند منفذ "الجديدة" الحدودي بين سوريا ولبنان، في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر.
وأشار البيان إلى أن الاعتقال جاء بعد أيام قليلة من افتتاح المتحف في مقره بالمتحف الوطني بدمشق، وهي خطوة اعتبرها البعض تحمل "دلالات واضحة على استهداف حرية التعبير وذاكرة الضحايا". وأدان "المتحف" اعتقال الناشط مطر، مؤكدًا أن توقيفه تم بطريقة غير قانونية، واعتبره تذكيرًا بممارسات الاعتقال التعسفي التي اتسمت بها حقبة النظام السوري السابق.
وبحسب البيان، منعت الحكومة السورية أعضاء فريق المتحف من الاستفسار عن مكان احتجاز مطر أو الجهة التي تم اقتياده إليها، مما يحيط مصيره بتعتيم كامل. وحمّلت إدارة المتحف السلطات السورية، ووزارة الداخلية على وجه الخصوص، المسؤولية الكاملة عن سلامة مطر، مطالبة بالكشف الفوري عن مكان وجوده وأسباب اعتقاله، والإفراج عنه.
وفي تصريح لعنب بلدي، قال مدير "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا"، دياب سرية، إن المعلومات المتداولة تشير إلى خلاف بين الناشط مطر وأحد أفراد وزارة الداخلية. وأعرب عن أسفه لاعتقال مطر، معتبرًا أن هذه الممارسات تذكر بممارسات النظام السابق، فيما يتعلق بالاعتقال دون توجيه تهمة واضحة أو الكشف عن مكان الاعتقال. وطالب سرية بالإفصاح عن التهم الموجهة للناشط الحقوقي مطر.
من جانبه، أكد المدير الإعلامي لوزارة الداخلية اعتقال مطر، مشيرًا إلى أنه سيُفرج عنه يوم الخميس، دون الإشارة إلى التهمة الموجهة إليه.
ما هو "متحف السجون"؟
عامر مطر هو صحفي وناشط حقوقي، ومعتقل سياسي سابق في سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وفقًا لبيان المتحف. وكان شاهدًا رئيسيًا في محكمة "كوبلنز" بألمانيا ضد عناصر من أجهزة الأمن التابعة للنظام السابق. افتتح المتحف في دمشق منتصف أيلول الحالي، وهو متحف افتراضي يوثق تاريخ السجون في سوريا والانتهاكات المرتبطة بها، و"يفتح مجالًا للبحث في الذاكرة والعدالة"، وفقًا لتعريفه. يضم الموقع تحقيقات معمقة تكشف بنية منظومة السجون، وشهادات لمعتقلين وذويهم توثق التجربة الإنسانية وما تركته من أثر عميق. كما يتيح جولات ثلاثية الأبعاد داخل مراكز الاحتجاز، وأرشيفًا من الوثائق الأصلية بعد تحليلها وترجمتها، وفقًا للمتحف.
اعتقالات تعسفية
على الرغم من الانفتاح السياسي الذي شهدته سوريا بعد سقوط النظام، في 8 من كانون الأول 2024، لا تزال حالات الاعتقال على خلفيات سياسية مستمرة على يد الحكومة السورية. ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير تسع حالات اعتقال تعسفي خلال آب الماضي على يد الحكومة السورية. أوضح التقرير قيام عناصر من قيادة الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية بتنفيذ عمليات احتجاز طالت عددًا من المدنيين دون توضيح الأسباب القانونية وراء توقيفهم. كما لم تتوفر معلومات عن التهم الموجهة إليهم أو مكان احتجازهم، وهو ما عدته "الشبكة" مخالفة للضمانات الإجرائية التي يكفلها القانون المحلي والمعايير الدولية ذات الصلة بحرية الإنسان وحقه في المحاكمة العادلة. كما وثقت "الشبكة" حالات احتجاز استهدفت أشخاصًا على خلفية شبهات بارتكاب مخالفات جنائية، ووفقًا لمعلومات من شهود، وُجهت إليهم اتهامات دون تقديم وثائق أو أدلة قانونية واضحة.