عنب بلدي – محمد كاخي
عقب سقوط النظام السوري، سارعت المنظمات المتخصصة في استرداد الأصول وخبراؤها إلى إطلاق مبادرات لحث السلطات السورية على البدء في تعقب الأصول والثروات المخفية لعائلة الأسد والمقربين منها. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “إنتيلجنس” الفرنسية، تأمل بعض المنظمات والمختصين في استرداد الأصول الحصول على تفويض من الحكومة السورية الجديدة لتحقيق صفقات رابحة من عمليات الاسترداد، على غرار استرداد الأصول لثروات صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا.
استخدمت دول عديدة عقوبة تجميد الأصول للضغط على نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وجمدت دول مثل سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة أصولًا مملوكة للدولة السورية، وأخرى للرئيس المخلوع وعائلته.
سألت عنب بلدي خبراء المنظمات المتخصصة، وتواصلت مع خبراء قانونيين واقتصاديين، للتعرف إلى آليات وقوانين استرداد الأصول السورية في الخارج، وما يجب على الحكومة السورية الجديدة ومنظمات المجتمع المدني فعله في هذا السياق.
ثروات الأسد المخفية: من قصور دمشق إلى حسابات الأوفشور
ذكر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2022 أن صافي أموال عائلة الرئيس المخلوع بشار الأسد في الخارج يبلغ بين مليار ومليارَي دولار، وهو جزء من شبكة معقدة تتنوع بين الأصول المادية (عقارات في دبي وموسكو ولندن)، والمجوهرات، والأصول المدرّة للدخل (مثل فنادق البوتيك في فيينا)، والمركبات (سيارات فارهة وطائرة خاصة). وقالت الوزارة في تقريرها إن هذا التقدير غير دقيق، ولا تستطيع الوزارة التحقق منه بشكل مستقل.
قال المستشار الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، لعنب بلدي، إن موضوع موقع وحجم أصول عائلة الأسد (وأصول شركائهم) مسألة بالغة التعقيد. وأضاف أن الحجم الكامل لأصول عائلة الرئيس المخلوع أكبر بكثير من مجرد مليار أو مليارَي يورو، فهناك أيضًا تراكم لسبائك الذهب يُقدّر بأكثر من 200 طن، ويمكن أن يتضاعف الرقم المعلن في تقرير الخارجية الأمريكية (بين مليار ومليارَي دولار) حتى عشر مرات، أو يصل إلى 60 ضعفًا، وهناك تقديرات تشير إلى امتلاك العائلة أصولًا تصل إلى حوالي 22 مليار دولار، وتذهب بعض التقديرات إلى أن أصول الأسد قد تصل إلى 122 مليار دولار بعد جمعها كلها.

الفرق بين الأصول السيادية وأموال النخب الحاكمة
يفرّق الخبراء في عمليات التتبع والاسترداد بين أموال النخب الحاكمة والأصول السيادية، إذ تختلف طرق تتبع واسترداد هذه الأصول، وتمثّل أصول الأشخاص من النخب الحاكمة تحديًا كبيرًا أمام المنظمات والدول التي تحاول تعقبها أو تجميدها بسبب الطرق الملتوية في إخفاء هذه الأصول.
قال الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية لعنب بلدي إن تجميد الأصول المالية يتم إما من قبل مجلس الأمن الدولي بحق الأفراد والجماعات والدول بموجب قرار صادر عن المجلس، أو من قبل دولة تجاه أفراد وكيانات أو دول أخرى، لأسباب عديدة، منها أن الدولة المستهدفة تشكل مصدر تهديد للسلم والأمن الدوليين لأسباب تتعلق بدعم الإرهاب، أو ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ويمكن أن يشمل التجميد الأصول المالية للمسؤولين والأصول المالية للدولة.
أوضح المستشار الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، أن من المرجح أن الجزء الأكبر من أصول عائلة الأسد كان موزعًا في حسابات شخصية مختلفة، إلا أن بعض ثروات الأسد الشخصية كانت أيضًا في المصرف المركزي السوري.
يشرح مدير قسم الأبحاث والسياسات في “منتدى المجتمع المدني لاسترداد الأصول” (CIFAR)، جاكسون أولدفيلد، أن الأصول السيادية هي تلك التي تُنسب مباشرة إلى الدولة نفسها، مثل الحسابات الحكومية أو الحصص التي تملكها الدولة في الخارج، أما الثروات الخاصة في الخارج فتبقى خاصة ما لم يُثبت عبر إجراءات قضائية أنها نتاج فساد، سواء من خلال محاكمات جنائية أو مدنية.
وقال أولدفيلد، في حديث إلى عنب بلدي، إن عملية فك تجميد الأصول الحكومية أسهل بكثير من فك تجميد الأموال الخاصة، إذ تكون عادة قرارًا سياسيًا أو إجراء قضائيًا بسيطًا، بخلاف الأصول الخاصة بالأفراد أو الشركات، التي تحتاج إلى إجراءات قضائية مطوّلة، قد تجري في سوريا والدولة الحاضنة للأصول، أو على الأقل في واحدة منهما، لإثبات أن هذه الأصول جاءت من الفساد، مع صدور حكم نهائي غير قابل للاستئناف.
أقر البرلمان الأوروبي، في 12 من آذار الماضي، مشروع قرار يتيح استخدام الأصول المجمدة لنظام الأسد المخلوع في دول الاتحاد الأوروبي لدعم عملية الانتقال السياسي وإعادة الإعمار في سوريا، ودعا البرلمان في بيان حينها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى دعم القوات الانتقالية في سوريا، وطالب دمشق بإنهاء تحالفاتها التاريخية مع طهران وموسكو.
كما أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية عن استثناءات لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا في 23 من أيار الماضي، على ألا تعود تلك الاستثناءات بالفائدة على إيران وروسيا، وبالتالي، بحسب الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية، فإن القرار لا يعتبر إلغاء كاملًا لتجميد الأصول، بل هو تخفيف مشروط يخضع للمراقبة.
وصرح وزير المالية السوري، في 22 من أيار الماضي، أن الأموال المجمدة في الخارج ليست كبيرة، لكنها ملك للشعب السوري وسيتم توظيفها وفقًا لأولويات احتياجات البلاد الاقتصادية.
قال المستشار في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، إن ما يحاول المصرف المركزي فعله هو استرداد أصوله المجمدة في الخارج بعيدًا عن أموال الأسد، والسبب وراء ذلك هو أنه يمكن للسلطات استعادتها بسرعة أكبر، وبإجراءات أبسط على المدى القصير. ومن المفارقات، بحسب بيرينو، أنه حين كانت أصول المصرف المركزي السوري مجمدة بسبب العقوبات، لم تكن أصول عائلة الأسد كذلك، لأنها كانت مملوكة بصفة خاصة عبر شركات واجهة أو أشخاص صوريين واستراتيجيات أخرى.

وسط غياب الشفافية وثقة المجتمع الدولي: سباق قانوني معقد لاسترداد الأموال
يتفق الخبراء أن عملية ملاحقة أصول النخب الحاكمة التي يُعتقد أنها جُمعت عبر الفساد معقدة، وتتطلب جهدًا وتعاونًا بين المنظمات والدول.
قال المستشار في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، إن على السلطات في سوريا أن تعمل على جمع الأدلة التي تثبت أن هذه الأصول جاءت من الفساد، وأن تعمل على تتبع أماكن وجودها حاليًا، ولا يتعيّن أن يكون هذا جهدًا سوريًا بحتًا، بل يمكن التعاون مع الدول التي يُعتقد أن هذه الأصول موجودة فيها. وأضاف أنه ينبغي تعاون الدولة السورية مع نظرائها في تلك الدول لوضع أفضل الاستراتيجيات لمصادرة عائدات الفساد وإعادتها، وفهم القرارات القانونية المطلوبة ونوعية الأدلة والمعايير اللازمة لقبولها من محاكم تلك الدول.
قال الباحث في كلية “لندن للاقتصاد والعلوم السياسية” زكي محشي لعنب بلدي إنه لا يمكن استرداد الأصول الرسمية أو الخاصة بالنخب بسهولة، وهو أمر متعلق بسياسات الشفافية المتبعة في المصرف المركزي السوري، إذ لا توافق الحكومات على تحويل الأموال لمؤسسة هناك شكوك حول شفافيتها، ففي العراق مثلًا، لم يتم استرداد أموال الرئيس الأسبق صدام حسين بشكل مباشر، بل أنشئ صندوق دولي لدعم العراق، وتم تحويل الأموال إلى هذا الصندوق بسبب عدم الثقة بشفافية المؤسسات المالية العراقية.
وفي الحالة السورية، يمكن للأمم المتحدة تشكيل هيئة أو مجموعة عمل، تكون تحت إشرافها، ومسؤولة عن استرداد الأموال السورية المجمدة لمصلحة الشعب السوري، وهي عملية تحتاج إلى جهد مؤسساتي وقانوني كبير، بحسب محشي.
وبحسب المستشار في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، يجب على أي دولة ملتزمة باستعادة الأصول المنهوبة أن تستثمر في مؤسسات قوية ومستقلة وغير حزبية، مثل مجموعات عمل داخل المصرف المركزي، ووزارات المالية والعدل والخارجية وغيرها من الوزارات، على أن تحظى هذه المؤسسات بالاستمرارية والتدريب والموارد والشبكات الدولية حتى لا تضيّع الزخم مع أي انتقال سياسي.
أما من الناحية القانونية، فبحسب بيرينو، هناك أدوات وآليات لتسهيل الاسترداد، مثل المصادرة المدنية (إجراء قانوني يهدف إلى استرداد الأصول أو الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة دون الحاجة إلى إدانة جنائية)، وقوانين التعاون القضائي الدولي (MLA)، ومذكرات التفاهم مع الدول الأخرى.
قالت المسؤولة في قسم اتصالات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، ريكا فورتوش، لعنب بلدي، إن سوريا سبق أن وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، وهي اتفاقية تضمن خلالها الدول الموقعة استخدام كل الوسائل التي يمكن من خلالها للدولة تعقب الأموال والأملاك التي حصل عليها الفاسدون، وحجزها وتجميدها ومصادرتها واستعادتها، إلا أنها لم تصدّق عليها بعد، وبالتالي فهي لا تشارك حاليًا في آلية استعراض التنفيذ.
وأوضح مدير قسم الأبحاث والسياسات في “منتدى المجتمع المدني لاسترداد الأصول” (CIFAR)، جاكسون أولدفيلد، أن بإمكان سوريا طلب المساعدة لمتابعة هذه الأصول، ومن الأفضل للسلطة السورية أن تتواصل مباشرة مع سلطات الدول التي يُعتقد أن الأصول موجودة فيها، وأن تطلب منها المساعدة. وفي حال صدّقت سوريا على اتفاقية “UNCAC”، سيصبح الأمر أسهل، لأن استرداد الأصول يقوم بدرجة كبيرة على التعاون، وكلما انخرطت سوريا في آليات تعاون أكثر، ازدادت فرص الحصول على شركاء رسميين وسهُل الأمر.
الفاعلون في عملية تتبع وتحديد أصول النخب الحاكمة:
- برنامج “StAR” (المبادرة المشتركة بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة).
- فريق “REPO Task Force” (الخاص بالنخب والوكلاء والأوليغارشيين الروس)، وهو ائتلاف من دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، يركز على تحديد وتجميد ومصادرة أصول الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات.
- مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC).
- مكتب تنفيذ العقوبات المالية في المملكة المتحدة (OFSI).
المصدر: “منتدى المجتمع المدني لاسترداد الأصول” (CIFAR)
وبحسب الباحث والاستشاري في القانون الدولي، محمد حربلية، يتطلب تتبع الأموال واستعادتها الاستعانة بلجان وفرق قانونية ومالية متخصصة قادرة على كشف ومعرفة الشركات الوهمية والحسابات السرية، وتتبع التحويلات البنكية لعائلة الأسد. كما يمكن للحكومة السورية توقيع اتفاقيات تعاون مع بعض الدول التي يُتوقع أن الأسد قد استخدمها لإخفاء ثروته من خلال أسماء مستعارة أو وكلاء.

كيف أخفى الأسد ثرواته
جاء في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المنشور عام 2022 أن عائلة الأسد استطاعت التحايل على الأنظمة المالية من خلال الأسماء المستعارة، أو الاستعانة بأفراد آخرين، لإخفاء هوية المالك والتهرب من العقوبات، ووفقًا لتقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، تدير عائلة الأسد نظام رعاية معقدًا، يشمل شركات وهمية، وواجهات مؤسسية تُستخدم كأداة تمكّن النظام من الوصول إلى الموارد المالية عبر هياكل مؤسسية تبدو شرعية، ومنظمات غير ربحية، وتُستخدم أيضًا لغسل الأموال المتأتية من أنشطة اقتصادية غير مشروعة.
قال الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية لعنب بلدي إن الشركات خارج الحدود (Offshore Company)، وهي كيانات قانونية يتم تسجيلها في بلد معيّن لممارسة نشاط تجاري في بلد آخر، والدول التي تسمح بإنشاء حسابات سرية دون الإفصاح عن مالكيها الحقيقيين، شكّلت وسيلة لنظام الأسد وعائلته لإخفاء ثرواتهم، ما جعل من معرفة تلك الأصول أمرًا صعبًا.
وأوضح مدير قسم الأبحاث والسياسات في “منتدى المجتمع المدني لاسترداد الأصول” (CIFAR)، جاكسون أولدفيلد، أن التحدي فيما يخص أصول عائلة الأسد يكمن في مخاوف الدول المعنية بإعادة الأموال من احتمال أن تكون المؤسسات السورية غير قادرة على مراقبة هذه الأموال المُعادة بما يمنع سرقتها مجددًا، وبالتالي ضياع كل جهود استردادها. ومن المتوقع أن تجري مفاوضات بين الحكومات المانحة والحكومة السورية لاستخدام هذه الأموال في مشاريع تنموية محددة، أو أن تُدار عبر الأمم المتحدة أو آليات أخرى.
أشار المستشار في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، إلى أنه حين تتم إعادة تلك الأصول، يبقى السؤال الأهم هو من يدير هذه الأموال، ومن يقرر كيفية استخدامها، ومن يدير الفوائد المتراكمة (إن وُجدت) بينما الأموال مودعة في البنوك، وتعالج هذه الأسئلة عبر اتفاقيات دولية وإقليمية توجّه أي مؤسسة معنية بالأمر، بما فيها المصرف المركزي السوري ووحدة “FIU” السورية (وحدة استخبارات مالية لملاحقة الأصول أنشئت عام 2007). ولم تجب وزارة المالية السورية عن سؤال عنب بلدي حول تفعيل وحدة “FIU” داخل المصرف المركزي أو وزارة المالية لمتابعة ملف الأصول المجمدة بشكل مؤسسي ومنهجي.
قال الباحث في كلية “لندن للاقتصاد والعلوم السياسية” زكي محشي لعنب بلدي إن عملية تتبع الأموال المرتبطة بالأسد وعائلته تشكّل معضلة أمام الدول والمنظمات المعنية، بسبب استخدامه شبكة واسعة من الآليات التي تعقّد عملية التجميد، وتضعف من فعاليتها. وإلى جانب الملاذات الضريبية وشركات “الأوفشور”، مثّلت الدول الحليفة مثل روسيا والإمارات مظلة حماية مهمة، إذ استثمر الأسد في عقارات وأراضٍ وأصول مالية هناك بعيدًا عن أي إجراءات حجز أو مصادرة. وأضاف محشي أن الأمر لم يقتصر على الأطر التقليدية، بل امتد إلى استخدام العملات الرقمية كمنفذ إضافي للتهرب من الملاحقة، لما تمنحه هذه التقنية من قدرة على إخفاء هوية المالك وتحريك الأموال خارج الرقابة.
وأيضًا، تبدو عملية التجميد ممكنة فقط عندما تكون الأصول مرتبطة مباشرة باسم المعنيّ في دول تمتلك تشريعات واضحة، مثل سويسرا التي وضعت قوانين خاصة بحجز أموال الدكتاتوريين، أما في دول أخرى كالإمارات أو روسيا، فإن غياب الإطار القانوني والسياسي يجعل هذه المهمة أقرب إلى المستحيل، بحسب محشي. وتابع محشي أن العقبات تزداد حين يتعلق الأمر بأموال أفراد أسرة الأسد أو مقربين منه، إذ يتطلب ذلك إثباتًا قضائيًا بأن هذه الأصول ليست شخصية بل منهوبة، وهو ما يُعد تحديًا صعبًا ومعقدًا، خاصة مع محاولات إضفاء طابع شرعي على هذه الأموال من خلال واجهات اقتصادية تبدو قانونية.

الإطار القانوني الدولي لعملية استعادة الأموال:
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC (سوريا لم تصدّق عليها بعد).
- اتفاقية مكافحة الرشوة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD (سوريا ليست عضوًا).
- اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة MLATs (سوريا ليست عضوًا).
- اتفاقية مكافحة الفساد العربية (سوريا طرف فيها بحكم عضويتها في الجامعة العربية).
المصدر: منظمة “الشفافية الدولية”
دور منظمات المجتمع المدني
تقوم منظمة “الشفافية الدولية” حاليًا بتنظيم تدريبات مع منظمات المجتمع المدني في العراق ولبنان وتونس، حول شفافية المستفيد الحقيقي من الملكية (BOT) والمناصرة.
قال المستشار في منظمة “الشفافية الدولية”، مانويل بيرينو، إن إشراك منظمات المجتمع المدني السورية في عمليات تعقب واسترداد الأموال يظل تحديًا للمنظمات المعنية، بسبب الوضع شديد التقلب، ولن تعمل “الشفافية الدولية” إلا مع منظمات مستقلة وغير حزبية، وبشرط ألا يعرّض ذلك أعضاءها للخطر. وبحسب بيرينو، يمكن تنظيم تدريبات، خصوصًا التدريبات التمهيدية حول شفافية المستفيد الحقيقي من الملكية (BOT)، وهو نظام يكشف المستفيد الحقيقي من الشركات أو الحسابات المالية، أي الشخص الذي يملكها أو يسيطر عليها فعليًا حتى لو كانت مسجّلة بأسماء وهمية أو شركات واجهة، والتدفقات المالية غير المشروعة، والمناصرة، من خلال فروع المنظمة في المنطقة، إذا تمكنت منظمات المجتمع المدني السورية من السفر واللقاء في دولة محايدة.
وتابع أن ما سبق يتطلب أولًا إجراء فحص دقيق للأطراف المشاركة (من حيث القدرات المالية والإدارية، الاستقلالية، الحوكمة، إلخ). كما أن هذه التدريبات مرتبطة بتوفر التمويل من جهات مانحة مثل الاتحاد الأوروبي أو وكالة “GIZ” الألمانية.
قال الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية إن المنظمات، سواء الدولية أو المحلية، لا تستطيع المطالبة بالأصول المجمدة، لأنها لا تمتلك صفة شرعية في تمثيل الشعب السوري، لكن يمكن لتلك المنظمات أن تلعب دورًا في عملية المناصرة للحكومة السورية، وإثبات مشروعية مطالبها في استرداد تلك الأموال لمصلحة الشعب السوري.
ماذا لو رفضت الدول تسليم الأموال
في عام 2023، رفضت الولايات المتحدة الأمريكية تسليم إيران أموالها المجمدة في الولايات المتحدة، رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي قضى بدفع تعويضات لشركات إيرانية بعد تجميد أصولها بشكل غير قانوني. واشنطن تمسكت حينها بموقفها الرافض لإعادة الجزء الأكبر من الأموال، والمتمثل بمبلغ 1.75 مليار دولار من أصول البنك المركزي الإيراني المجمدة، بعدما أقرت المحكمة بعدم اختصاصها بالنظر في هذه المطالبات. وبررت الولايات المتحدة موقفها بأن الأموال مخصصة لتعويض ضحايا هجمات مرتبطة بإيران، وبالتالي إيران ليست طرفًا نزيهًا أمام العدالة.
وبالرغم من لجوء إيران إلى محكمة العدل الدولية لمقاضاة الولايات المتحدة بشأن الأموال الإيرانية المجمدة، وإقرار “المحكمة الدولية” بانتهاك الولايات المتحدة معاهدة الصداقة لعام 1955 في بعض جوانب القضية، فإنها استثنت أصول البنك المركزي الإيراني ورفضت إلزام واشنطن بإعادتها.
أوضح الباحث والاستشاري في القانون الدولي محمد حربلية لعنب بلدي أنه يمكن للدولة التي تم تجميد أصولها المالية من قبل دولة أخرى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فيما لو كان ذلك ينتهك اتفاقية دولية، كما فعلت إيران عام 2023 في قضية تجميد أصولها المالية. ويمكن أيضًا اللجوء إلى المحاكم الوطنية في الدول التي تحتفظ بالأصول المجمدة، ولكن تستند الدول التي قامت بتجميد الأصول غالبًا إلى قوانين وطنية، ولذلك يتعذر على المحاكم الوطنية في تلك الدول إلغاء عملية التجميد باعتبار أنها تستند إلى أسس قانونية.