الأحد, 5 أكتوبر 2025 12:59 PM

الإحصاء الاستثنائي عام 1962 وتداعياته على الكرد في سوريا: حرمان من الجنسية وتمييز مستمر

الإحصاء الاستثنائي عام 1962 وتداعياته على الكرد في سوريا: حرمان من الجنسية وتمييز مستمر

في عام 1962، شهدت سوريا إجراء إحصاء استثنائي أدى إلى تجريد عشرات الآلاف من الكرد من الجنسية السورية وحرمانهم من حقوق المواطنة الأساسية. وقد جاء هذا الإجراء في ظل صعود التيار القومي العربي وظهور دول مركزية اعتمدت على الإقصاء والشمولية.

تشير تقارير المنظمات الحقوقية والدولية إلى أن عدد الكرد الذين جُرِّدوا من الجنسية وحُرموا منها بين عامي 1962 و2011 تجاوز 517 ألف شخص. وقد تم تقسيمهم إلى فئتين: فئة "الأجانب" الذين كُتبت هذه الصفة في هوياتهم في محافظة الحسكة، وفئة "المكتومين" الذين لم يتم تسجيلهم في السجلات المدنية إطلاقًا.

في عام 2011، وبعد اندلاع الثورة السورية، أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 49 الذي منح الجنسية لجزء من هؤلاء الأفراد. ومع ذلك، بقي العديد من الكرد بدون جنسية بسبب التعقيدات القانونية والإدارية والظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد.

على الرغم من التغييرات السياسية، لم تُبدِ السلطة المؤقتة أي اهتمام جدي بحل قضية الإحصاء الاستثنائي، وتعاملت معها بتجاهل واضح، مما يعكس استمرار نفس العقلية في التعامل مع القضايا المصيرية.

عانى الكرد الذين جُرِّدوا من الجنسية السورية من تمييز عنصري واسع النطاق طال حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية. مُنعوا من ممارسة حقوقهم الأساسية، مثل:

  • حق التصويت والترشح في الانتخابات.
  • حق التوظيف والعمل الرسمي في القطاع العام.
  • حق السفر والحصول على جوازات السفر.
  • حق تسجيل الزواج والمواليد في الدوائر الرسمية.
  • حق تملك العقارات والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

أدى هذا الحرمان إلى تداعيات خطيرة على المجتمع الكردي، ولا تزال آثاره قائمة حتى اليوم. يُعتبر الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 في محافظة الحسكة أحد أبرز المشاريع العنصرية المنظمة في تاريخ الكرد السوريين، كونه جزءًا من سياسة ممنهجة لتغيير التركيبة السكانية وإقصاء الكرد.

لقد شكل هذا الإحصاء بداية لمرحلة طويلة من التمييز والإقصاء بحق الكرد السوريين، مما ترك آثارًا عميقة على حياتهم وهويتهم الوطنية. يجب على الحركة السياسية الكردية في سوريا أن تولي قضية المجردين من الجنسية الاهتمام اللازم، لأنها تمثل انتهاكًا مباشرًا لحقوق الإنسان.

إن الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية لهذا الإحصاء ما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على الواقع الكردي، وتعمق من معاناته. نطالب السلطة المؤقتة في دمشق بالتعامل مع هذه القضية بجدية ومسؤولية وطنية، وإزالة جميع آثارها السلبية على الكرد السوريين، ومنحهم حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية كاملة.

مشاركة المقال: