الخميس, 9 أكتوبر 2025 08:38 PM

غزة تستعيد أنفاسها وسط ترحيب دولي حذر: أوضاع إنسانية مأساوية واتفاق لوقف إطلاق النار

غزة تستعيد أنفاسها وسط ترحيب دولي حذر: أوضاع إنسانية مأساوية واتفاق لوقف إطلاق النار

يشهد قطاع غزة المحاصر فترة من الهدوء الحذر بعد الإعلان عن توقيع اتفاق "إنهاء الحرب"، الذي جاء بعد نحو عامين من العمليات العسكرية التي أثرت بشكل كبير على المدنيين. بدأ تنفيذ الاتفاق في الساعة 09:00 بتوقيت جرينتش اليوم الخميس، ويشمل وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين كجزء من المرحلة الأولى لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع.

تم توقيع الاتفاق في منتجع شرم الشيخ بمصر من قبل ممثلين عن حماس وعن الاحتلال الإسرائيلي. وأشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن الاتفاق سيصبح ساري المفعول بعد مصادقة مجلس الوزراء الإسرائيلي عليه، والمقرر اجتماعه في الساعة الخامسة مساءً. بالتزامن مع وقت التوقيع، نفذت طائرات الاحتلال سلسلة غارات جوية على مدينة غزة. ينص الاتفاق على وقف القتال وانسحاب إسرائيل جزئياً من غزة مقابل إطلاق حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) سراح الرهائن، وإطلاق الاحتلال سراح معتقلين تحتجزهم إسرائيل.

تشير تقديرات مسؤولين إسرائيليين إلى أن عدد الرهائن الإسرائيليين الأحياء في غزة يبلغ حوالي 20 شخصًا، ومن المتوقع إطلاق سراحهم يوم الأحد أو الاثنين. في المقابل، يعتبر 26 رهينة آخرين في عداد الموتى، ولا يزال مصير اثنين مجهولاً. وأفادت حماس بأن عملية انتشال الجثث المتناثرة في أنحاء غزة قد تستغرق بعض الوقت.

ترحيب سياسي دولي

أعربت وزارة الخارجية السورية عن ترحيبها بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، معربة عن أملها في أن يساهم هذا التطور في إنهاء معاناة المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، مما يمهد الطريق نحو الاستقرار الإقليمي.

كما رحبت قطر بالاتفاق، معربة عن أملها في أن يساهم في إنهاء العدوان على غزة وأن يكون بداية لمرحلة جديدة تعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، مشيرة إلى دورها كوسيط مهم في حل هذا الملف. واعتبرت مصر، التي ساهمت أيضًا في الاتفاق، أنه خطوة ضرورية، وطالبت بتسريع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكدة أن السلام العادل يجب أن يعتمد على حل الدولتين.

أصدرت الأمم المتحدة بيانًا تثني فيه على دور الوسطاء (مصر، قطر، الولايات المتحدة)، ودعت إلى الالتزام الكامل بالاتفاق وتحقيق الأهداف الإنسانية. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن الاتفاق يبعث الأمل، خاصة في إعادة الأسرى/الرهائن وتسهيل وصول المساعدات للمدنيين. ووصف رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الاتفاق بأنه خطوة ضرورية لوقف العنف، وإتاحة المعونة الإنسانية، وتحرير الرهائن، والسعي نحو سلام عادل. ورأت تركيا أن الاتفاق يمثل بداية مهمة نحو السلام، وأكدت أنها ستراقب التنفيذ وأنها لا تزال ملتزمة بحل الدولتين ودعم الفلسطينيين. وأعربت بعض الدول الآسيوية عن ارتياحها للاتفاق، فيما عبرت دول أوروبية أخرى (مثل بلجيكا، النرويج) عن الأمل في أن يكون هذا الاتفاق بداية لوقف دائم، مؤكدين على ضرورة التزام الطرفين بتعهداتهما.

مأساة إنسانية

على الصعيد الإنساني، لا تزال الحاجة ملحة لتخفيف معاناة المدنيين في غزة، وخاصة الجرحى والنازحين، في ظل انقطاع الخدمات ونقص الغذاء والدواء. يواجه النظام الصحي في غزة أزمة عميقة ومتفاقمة، حيث كان يعاني أساسًا من ضعف التمويل والقيود على الاستيراد ونقص الموارد منذ سنوات. تفاقمت هذه الأزمة بسبب الحصار الطويل الذي فرض منذ بدء التصعيد في أكتوبر 2023، مما زاد الضغوط على النظام الصحي مع ارتفاع أعداد الإصابات والضحايا والنازحين داخليًا، بالإضافة إلى نقص الوقود والأدوية والمعدات والكوادر الصحية وقلة الإمكانات التشغيلية.

أصدرت منظمات طبية وطنية وعالمية بيانًا مشتركًا مؤخرًا، أكدت فيه أن 94٪ من المستشفيات في غزة متضررة أو مدمرة، وأن العديد منها لم تعد تعمل. وأكدت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن الضربات الجوية ونقص الإمدادات (الدواء، الوقود، الماء) قد أضرت بشكل كبير بالخدمات الصحية وأضعفت قدرة المستشفيات على العمل. سجلت المئات من الهجمات على مرافق الرعاية الصحية (697 هجومًا منذ أكتوبر 2023 حتى مايو 2025)، والتي شملت مستشفيات ومراكز صحية وسيارات إسعاف. وذكرت في تقرير حديث أن 14 من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل جزئيًا فقط. وأكدت منظمة أطباء بلا حدود (MSF / Doctors Without Borders) في تصريحات لمديرها العام بعد زيارته غزة، أن الوضع هو "الموت في كل مكان" مع حالات إصابات مروعة كثيرة، مشيرة إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت بنيات ضرورية للعيش في القطاع ودمرت البنية التحتية الصحية تدريجيًا.

تتلخص أبرز التحديات الميدانية الكبرى في نقص الوقود والكهرباء، ونقص الإمدادات الطبية والأدوية، والدمار الناتج عن الهجمات على المرافق الصحية، والاكتظاظ الشديد والإجهاد الكبير الذي يعاني منه الطاقم الصحي.

مشاركة المقال: